Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 51-51)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكأن هوداً عليه السلام يقول لهم : ما الذي يشقُّ عليكم فيما آمركم به وأدعوكم إليه ، إنني أقدِّم لكم هذا البلاغ من الله تعالى ، ولا أسألكم عليه أجراً ، فليس من المعقول أن أنقلكم مما ألفتم ، ثم آخذ منكم مالاً مقابل ذلك ، ولا يمكن أن أجمع عليكم مشقة تَرْك ما تَعوَّدْتُم عليه وكذلك أجر تلك الدعوة . وما دُمْتُ لن آخذ منكم أجراً ، إذن : فلا مشقة أكلِّفكم بها ، كما أنني في غِنًى عن ذلك الأجر لأن أجري على من أرسلني . { … إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ هود : 51 ] . أي : أنَّ أجري على مَنْ خَلَقني مُعَدّا لهذه الرسالة لأن الفطرة تعني التكوين الأساسي للإنسان . والحق سبحانه قد أعدَّ هوداً عليه السلام ليكون رسولاً ، ونحن نعلم - أيضاً أن الأجر يكون عادة مقابلاً للمنفعة . وسبق أن ضربنا المثل بمن يشتري بيتاً ، فهو يدفع ثمن البيت لصاحبه ، وتُسمَّى هذه العملية بيعاً وشراءً . أما إذا استأجر الإنسان بيتاً فهو يدفع إيجاراً مقابل انتفاعه بالسكن فيه . وقول هود عليه السلام : { لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً … } [ هود : 51 ] . يفيد أنه كان من الواجب أن يدفعوا أجراً كبيراً مقابل منفعتهم بما يدعوهم إليه لأن الأجر الذي تدفعونه في المستأجرات العامة لكم إنما يكون مقابلاً لمنافع موقوتة ، لكن ما يقدمه لهم هود عليه السلام هو منفعة غير موقوتة ! ولذلك ترك هود عليه السلام الأجر لمن يقدر عليه ، وهو الله سبحانه وتعالى . فهو القادر على كل شيء . وقد أوضحنا من قبل أن كل مواكب الرسل جاءت بهذه العبارة : { لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً … } [ هود : 51 ] . إلا إبراهيم وموسى عليهما السلام فسيدنا إبراهيم لم يَقُلْها بسبب أبيه ، وسيدنا موسى لم يقلها لأن فرعون قال له : { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً … } [ الشعراء : 18 ] . إذن : كان يجب على قوم هود أن يعقلوا الفائدة الجَمَّة ، وهي المنهج الرِّسالي الذي جاء به هود عليه السلام . ثم يقول الحق سبحانه ما جاء على لسان هود عليه السلام مخاطباً قومه : { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ … } .