Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 29-29)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبهذا القول من الزوج أنهى الحقُّ سبحانه هذا الموقف الرُّباعي عند هذا الحد ، الذي جعل عزيز مصر يُقِرُّ أن امرأته قد أخطأت ، ويطلب من يوسف أن يعرض عن هذا الأمر ليكتمه . وهذا يبين لنا سياسة بعضٍ من أهل الجاه مع بيوتهم ، وهو أمر نشاهده في عصرنا أيضاً فنجد الرجل ذا الجاه وهو يتأبَّى أن يرى أهله في خطيئة ، ويتأبى أكثر من ذلك فيرفض أن يرى الغيرُ أهله في مثل هذه القضية ، ويحاول كتمان الأمر في نفسه فيكفيه ما حدث له من مهانة الموقف ، ولا يريد أن يشمتَ به خصومه أو أعداؤه . وهنا مَلْحظ يجب أن نتوقف عنده ، وهو قضية الإيمان ، وهي لا تزال متغلغلة حتى في المنحرفين والمتسترين على المنحرفين ، فعزيز مصر يقول ليوسف : { أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا … } [ يوسف : 29 ] . ويقول لزوجته : { وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ } [ يوسف : 29 ] . وهو في قوله هذا يُقِرُّ بأن ذنباً قد وقع وهو لن يُقِرَّ بذلك إلا إذا كان قد عرف عن الله منهجاً سماوياً ، وهو في موقف لا يسعه فيه إلا أن يطلب منها أن تستغفر الله . وبعد أن كان المشهد رباعياً : فيه يوسف ، وامرأة العزيز ، والعزيز نفسه ، ثم الشاهد الذي فحص القضية وحكم فيها ، ينتقل بنا الحق سبحانه إلى موقف أوسع وهو دائرة المجتمع الذي وقعتْ فيه القضية . وهذا يدل على أن القصور لا أسرار لها لأن لأسرار القصور عيوناً تتعسس عليها ، وألسنة تتكلم بها حتى لا يظن ظان أنه يستطيع أن يحمي نفسه من الجريمة لأن هناك مَنْ سوف يكشفها مهما بلغتْ قدرة صاحبها على التستُّر والكتمان . وقد تلصص البعض من خدم القصر إلى أن صارت الحكاية على ألسنة النسوة . ويحكي القرآن الموقف قائلاً : { وَقَالَ نِسْوَةٌ … } .