Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 51-51)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ونعلم أن المُرَاودة الأولى ليوسف كانت من امرأة العزيز واستعصم يوسف ، ثم دَعَتْ هي النسوة إلى مجلسها وقطَّعْنَ أيديهن حين فُوجئْنَ بجمال يوسف عليه السلام ، وصدرت منهن إشارات ، ودعوات إثارة وانفعال . قال عنها يوسف ما أورد الحق سبحانه : { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ } [ يوسف : 33 ] . واستدعاهن الملك ، وسألهن : { مَا خَطْبُكُنَّ … } [ يوسف : 51 ] . والخَطْب : هو الحَدَثْ الجَلَل ، فهو حدث غير عادي يتكلم به الناس فهو ليس حديثاً بينهم وبين أنفسهم بل يتكلمون عنه بحديث يصل إلى درجة تهتز لها المدينة لأن مثل هذا الحادث قد وقع . ولذلك نجد إبراهيم عليه السلام ، وقد قال لجماعة من الملائكة : { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ * قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } [ الذاريات : 31 - 32 ] . أي : أن الملائكة طمأنتْ إبراهيم عليه السلام فهي في مهمة لعقاب قوم مجرمين . وموسى عليه السلام حين عاد إلى قومه ، ووجد السامري قد صنع لهم عِجْلاً من الذهب الذي أخذوه من قوم فرعون نجده يقول للسامري : { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } [ طه : 95 ] . وقَوْل الملك هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها : { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ … } [ يوسف : 51 ] . يدلُّ على أنه قد سمع الحكاية بتفاصيلها فاهتزَّ لها واعتبرها خَطْباً مما يوضح لنا أن القيم هي القيم في كل زمان أو مكان . وبدأ النسوة الكلام ، فقُلْنَ : { حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ … } [ يوسف : 51 ] . ولم يذكُرْنَ مسألة مُرَاودتهِنَّ له ، وكان الأمر المهم هو إبراء ساحة يوسف عند المَلِك . وقولهن : { حَاشَ للَّهِ … } [ يوسف : 51 ] أي : نُنزِّه يوسف عن هذا ، وتنزيهُنَا ليوسف أمْرٌ من الله . وهنا تدخلتْ امرأة العزيز : { قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ … } [ يوسف : 51 ] . أي : أنها أقرَّتْ بأنه لم يَعُدْ هناك مجال للستر ، ووضح الحقُّ بعد خفاء ، وظهرتْ حِصَّة الحق من حِصَّة الباطل ، ولا بُدَّ من الاعتراف بما حدث : { أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ يوسف : 51 ] . وواصلت امرأة العزيز الاعتراف في الآية التالية : { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ … } .