Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 99-99)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ونعلم أن الجَدَّ إسحاق لم يكُنْ موجوداً ، وكانوا يُغلِّبون جهة الأُبوة على جهة الأمومة ، ودخلت معهم الخالة لأن الأم كانت غير موجودة . ويبدو أن يوسف قد استقبلهم عند دخولهم إلى مصر استقبال العظماء ، فاستقبلهم خارج البلد مرة ليريحهم من عناء السفر ويستقبلهم وجهاء البلد وأعيانهم وهذا هو الدخول الأول الذي آوى فيه أبويْه . ثم دخل بهم الدخول الثاني إلى البلد بدليل أنه قال : { ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } [ يوسف : 99 ] . ففي الآية دخولان . وقول الحق سبحانه : { آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ … } [ يوسف : 99 ] . يدل على حرارة اللقاء لمغتربين يجمعهم حنان ، فالأب كان يشتاق لرؤية ابنه ، ولا بُدَّ أنه قد سمع من إخوته عن مكانته ومنزلته ، والابن كان مُتشوِّقاً للقاء أبيه . وانفعالات اللقاء عادة تُترك لعواطف البشر ، ولا تقنينَ لها ، فهي انفعالات خاصة تكون مزيجاً من الود ، ومن المحبة ، ومن الاحترام ، ومن غير ذلك . فهناك مَنْ تلقاه وتكتفي بأن تسلم عليه مُصَافحة ، وآخر تلتقي به ويغلبُك شوقك فتحتضنه ، وتقول ما شِئتَ من ألفاظ الترحيب . كل تلك الانفعالات بلا تقنين عباديّ ، بدليل أن يوسف عليه السلام آوى إليه أبويه ، وأخذهما في حضنه . " والمثل من حياة رسولنا صلى الله عليه وسلم في سياق غزوة بدر حيث كان يستعرض المقاتلين ، وكان في يده صلى الله عليه وسلم قدح يعدل به الصفوف ، فمَرَّ بسواد بن غزية من بني عدي بن النجار ، وهو مستنصل عن الصف - أي خارج عنه ، مما جعل الصف على غير استواء - فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطنه بالقدح وقال له : " اسْتَوِ يا سواد " . فقال سواد : أوجعتني ، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقِدْني . فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال صلى الله عليه وسلم : " استقد " . فاعتنقه سَواد وقَبَّل بطنه . فقال صلى الله عليه وسلم : " ما حملك على هذا يا سواد ؟ " . قال : يا رسولَ الله ، قد حضر ما ترى - يقصد الحرب - فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جِلْدي جلدك . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير " . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ … } .