Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وأنت يا محمد لست بِدْعاً من الرسل في مسألة الزواج والإنجاب . وهي تحمل الرد على مَنْ قالوا : { مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ … } [ الفرقان : 7 ] . ومنهم مَنْ قال : ما لهذا الرسول يتزوج النساء ؟ ألم يكن من اللائق أن يتفرغ لدعوته ؟ وهؤلاء الذين قالوا ذلك لم يستقرئوا الموكب الرسالي ، لأنهم لو فعلوا لوجدوا أن أغلب الرسل قد تزوَّجوا وأنجبوا . وحين تكون حياة الرسول قريبةً - كمثال واضح - من حياة الناس الذين أُرسل إليهم ليكون أُسْوة لهم فالأُسْوَة تتأتَّى بالجنس القابل للمقارنة وحين تكون حياة الرسول كحياة غيره من البشر في إطارها العام كأبٍ وزوجٍ ، فالأسوة تكون واضحة للناس . ونعلم أن هناك مَنْ جاء إلى رسول الله ليطلب الإذن بالتفرُّغ التامّ للعبادة من : صوم وصلاة وزُهْد عن النساء ، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال في حديث شريف : " إني لأخشاكم لله ، وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس منِّي " . ويتابع الحق سبحانه : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } [ الرعد : 38 ] . أي : ما كان لأحد أن يقترح على الله الآية التي تأتي مع أيّ رسول من الرسل ، ولم يكُنْ لأيِّ رسول حق في اختيار الآية المصاحبة له . وبهذا القول حسم الحق سبحانه قضية طلب المشركين لآيات من الرسول صلى الله عليه وسلم لأن كل رسول جاء لزمنه ولقومه وكل معجزة كانت من اختيار الله ، وكل رسول يؤدي ما يُكلِّفه به الله وليس للرسول أن يقترح على الله آيةً ما لأن الخالق الأعلى هو الأعلم بما يصلح في هذه البيئة على لسان هذا الرسول . ونأخذ من قوله الحق : { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } [ الرعد : 38 ] . أن لكل رسالة رسولها ، ولكل رسالة مكانها ، ولكل رسالة معجزتها ، فإذا كان الأمر كذلك فدعوا محمداً صلى الله عليه وسلم وما اختاره الله له في المكان الذي شاءه سبحانه ، وفي الزمان وفي المعجزة المصاحبة له صلى الله عليه وسلم . ولكن ، أهناك تغيير بعد أن يقول الحق سبحانه : { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } [ الرعد : 38 ] . نعم هناك تغيير ، وانظروا إلى قول الحق سبحانه من بعد ذلك : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ … } .