Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 9-9)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ومَنْ كُلُّ شيء عنده بمقدار لا يغيب عنه شيء أبداً ، وما يحدث لأيِّ إنسان في المستقبل بعد أن يُولَد هو غَيْب لكن المُطَّلع عليه وحده هو الله . وكأن هناك " نموذجاً " مُصَغَّراً يعلمه الله أولاً وإن اطلع عليه الإنسان في أواخر العمر لوجده مطابقاً لِمَا أراده وعلمه الله أولاً فلا شيء يتأبَّى عليه سبحانه فكُلُّ شيء عنده بمقدار . وهو عالم الغيب والشهادة يعلمُ ما خَفِي من حجاب الماضي أو المستقبل ، وكُلّ ما غاب عن الإنسان ، ويعلم - من باب أَوْلَى - المشهودَ من الإنسان ، فلم يقتصر علمه على الغيب ، وترك المشهود بغير علم منه لا بل هو يعلم الغيب ويعلم المشهود : { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } [ الرعد : 9 ] . والكبير اسم من أسماء الله الحسنى وهناك مَنْ تساءل : ولماذا لا يوجد " الأكبر " ضمن أسماء الله الحسنى ويوجد فقط قولنا " الله اكبر " في شعائر الصلاة ؟ وأقول : لأن مقابل الكبير الصغير ، وكل شيء بالنسبة لمُوجِده هو صغير . ونحن نقول في أذان الصلاة " الله اكبر " لأنه يُخرِجك من عملك الذي أوكله إليك ، وهو عمارة الكون لتستعين به خلال عبادتك له وتطبيق منهجه ، فيمدُّك بالقوة التي تمارس بها إنتاج ما تحتاجه في حياتك من مأكل ، ومَلْبس ، وسَتْر عورة . إذن : فكلُّ الأعمال مطلوبة حتى لإقامة العبادة ، فإياك أن تقول : إن الله كبير والباقي صغير ، لأن الباقي فيه من الأمور ما هو كبير من منظور أنها نِعَم من المُنعِم الأكبر ولكن الله أكبرُ مِنَّا ونقولها حين يُطلَبُ مِنَّا أن نخرج من أعمالنا لنستعين بعبادته سبحانه . ونعلم أن العمل مطلوب لعمارة الكون ، ومطلوب حتى لإقامة العبادة ، ولن توجد لك قوة لتعبد ربك لو لم يُقوِّك ربُّك على عبادته فهو الذي يستبقي لك قُوتَك بالطعام والشراب ، ولن تطعم أو تشرب لو لم تحرُثْ وتبذر وتصنع ، وكل ذلك يتيح لك قوة لِتُصلي وتُزكِّي وتحُج وكل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . وسبق أنْ قُلت : إن الحق سبحانه حينما نادانا لصلاة الجمعة قال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ الجمعة : 9 ] . وهكذا يُخرِجنا الحق سبحانه من أعمالنا إلى الصلاة الموقوتة ثم يأتي قول الحق سبحانه : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الجمعة : 10 ] . وهكذا أخرجنا سبحانه من العمل ، وهو أمر كبير إلى ما هو أكبر وهو أداء الصلاة . وقول الحق سبحانه في وصف نفسه المتعال يعني أنه المُنزَّه ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً فلا ذات كذاته ولا صفة كصفاته ، ولا فعل كفعله ، وكل ما له سبحانه يليق به وحده ، ولا يتشابه أبداً مع غيره . ويقول سبحانه من بعد ذلك : { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ … } .