Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 41-41)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ونعلم أن طلب الغُفْران من المعصوم إيذانٌ بطلاقة قدرة الله في الكون ، ذلك أن اختيار الحق سبحانه للرسول - أيّ رسول - لا يُعفى الرسول المختار من الحذَر وطلب المغفرة ، وها هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إني استغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة " . وطلب المغفرة من الله إن لم يَكُنْ لذنب - كما في حال الرُّسل المعصومين - فهو من الأدب مع الله لأن الخالق - سبحانه وتعالى - يستحق منّا فوق ما كلَّفنا به ، فإذا لم نقدر على المندوبات وعلى التطوّعات فَلْندعُ الحق سبحانه أنْ يغفرَ لنا . ومِنّا مَنْ لا يقدر على الفرائض فليْدعُ الله أنْ يغفرَ له ولذلك يُقال : " حسنات الأبرار سيئات المقربين " . والحق سبحانه يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم : { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 2 ] . ولذلك أقول دائماً إن الحق - جَلَّ جلالُ ذاته - يستحق أن يُعبَد بفوق ما كَلّف به فإذا اقتصرنا على أداء ما كَلَّف به سبحانه فكأننا لم نُؤدِّ كامل الشُّكْر وما بالنا إذا كان مثل هذا الحال هو سلوك الرُّسل ، خصوصاً وأن الحق سبحانه قد زادهم عن خَلْقه اصطفاءً أفلا يزيدنه شُكْراً وطلباً للمغفرة ؟ ونلحظ أن طلب المغفرة هنا قد شمل الوالدين والمؤمنين : { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ } [ إبراهيم : 41 ] . والإنسان كما نعلم له وجود أصليّ من آدم عليه السلام وله وجود مباشر من أبويْه ، وما دام الإنسان قد جاء إلى الدنيا بسبب من والديْه ، وصار مؤمناً فهو يدعو لهما بالمغفرة ، أو : أن الأُسْوة كانت منهما لذلك يدعو لهما بالمغفرة . والإنسان يدعو للمؤمنين بالمغفرة لأنهم كانوا صُحْبة له وقُدْوة ، وتواصى معهم وتواصوا معه بالحق والصبر ، وكأن إبراهيم - عليه السلام - صاحب الدعاء يدعو للمؤمنين من ذريته وتلك دعوة وشفاعة منه لمَنْ آمن ويرجو الحقَّ سبحانه أنْ يتقبلها . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ … } .