Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-19)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وحين نسمع كلمة الأرض فنحن نتعرف على المقصود منها ، ذلك أنه ليس مع العين أَيْن . والمَدُّ هو الامتداد الطبيعي لِمَا نسير عليه من أيِّ مكان في الأرض . وهذه هي اللفتة التي يلفتنا لها الحق سبحانه فلو كانت الأرض مُربعة أو مستطيلة أو مُثلثة لوجدنا لها نهاية وحَافّة ، لكِنّا حين نسير في الأرض نجدها مُمْتدة ، ولذلك فهي لا بُد وأن تكون مُدوَّرة . وهم يستدلون في العلم التجريبي على أن الأرض كُروية بأن الإنسان إذا ما سار في خط مستقيم فلسوف يعود إلى النقطة التي بدأ منها ، ذلك أن مُنْحنى الأرض مصنوعٌ بدقة شديدة قد لا تدرك العين مقدارَ الانحناء فيه ويبدو مستقيماً . وحين يقول الحق سبحانه : { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ … } [ الحجر : 19 ] . يعني أشياء تثبتها . ولقائل أنْ يتساءل : ما دامت الأرض مخلوقةً على هيئة الثبات فهل كانت تحتاج إلى مثبتات ؟ ونقول : لا بد أن الحق سبحانه قد خلقها مُتحركة وعُرْضة لأنْ تضطربَ فخلق لها المُثقّلات ، وهكذا نكون قد أخذنا من هذه الآية حقيقتين التكوير والدوران . وهناك آية أخرى يقول فيها الحق سبحانه : { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } [ النمل : 88 ] . ونفهم من هذا القول الكريم أن حركة الجبال ليست ذاتيةً بل تابعة لحركة الأرض كما يتحرك الحساب تبعاً لحركة الرياح . وشاء سبحانه أن يجعل الجبال رواسي مُثبِّتات للأرض كي لا تميدَ بنا فلا تميل يَمْنة أو يَسْرة أثناء حركتها . ويقول الحق سبحانه : { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } [ الحجر : 19 ] . وأنبت سبحانه من الأرض كُلَّ شيء موزون بدقّة تناسب الجو والبيئة ، ويضم العناصر اللازمة لاستمرار الحياة . ويقول سبحانه من بعد ذلك : { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ … } .