Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 57-57)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ساعة أنْ تسمع كلمة { سُبْحَانَهُ } فاعلم أنها تنزيهٌ لله تعالى عَمّا لا يليق ، فهي هنا تنزيهٌ لله سبحانه وتعالى عما سبق من نسبة البنات له … تعالى الله عن ذلك عُلواً كبيراً … أي : تنزيهاً لله عن أن يكونَ له بنات . فهل يمكن أن يكون له أولاد ذكور ؟ إنهم جعلوا لله البنات ، وجعلوا لأنفسهم الذكور ، وهذه قسمة قال عنها القرآن الكريم : { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [ النجم : 21 - 22 ] . أي : جائرة . لم تجعلوها عادلة ، يعني لي ولد ولكم ولد ، ولي بنت ولكم بنت ، إنما تجعلون لله مَا تكرهون وهي البنات لله ، وتجعلون لكم ما تحبون … لذلك كان في جَعْلهم لله البنات عيبان : الأول : أنهم نَسبُوا لله الولد ولو كان ذكراً فهو افتراء باطل يتنزه الله عنه . الثاني : أنهم اختاروا أخسَّ الأنواع في نظرهم … ولا يستطيع أحد أن يقول : إن البنات أخسُّ الأنواع … لماذا ؟ لأن بالبنات يكون بقاء النوع ولذلك قال العباس : لو سمع الله ما قال الناس في الناس لما كان الناس … أي : لو استجاب الله لرغبة الناس في أنهم لا يريدون البنات فاستجاب ولم يُعْطهم … ماذا سيحدث ؟ سينقطع النسل ، فهذا مطْلَب غبيّ ، فالبنت هي التي تَلِد الولد ، وبها بقاء النوع واستمرار النسل . وقوله تعالى : { سُبْحَانَهُ … } [ النحل : 57 ] . أي : تنزيهاً له أن يكون له ولد ، وتنزيهاً له سبحانه أن يكون له أخسَّ النوعين في نظرهم وعرفهم ، وقد قال عنهم القرآن في الآية التالية : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ … } [ النحل : 58 - 59 ] . ولذلك فالحق - تبارك وتعالى - حينما يُحدِّثنا عن الإنجاب يقول : { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً … } [ الشورى : 49 - 50 ] . أول ما بدأ الحق سبحانه بدأ بالإناث … ثم أعطانا هذه الصور من الخَلْق : إناث ، ذكور ، ذكور وإناث ، عقيم … إذن : هِبَات الله تعالى لها أربعة أنواع ، ومن هنا كان العُقْم أيضاً هبةً من الله لحكمة أرادها سبحانه … لكن الناس لا تأخذ العُقْم على أنه هِبَة … لكن تأخذه على أنه نِقْمة وغضب . لماذا ؟ لماذا تأخذه على أنه نِقْمة وبلاء ؟ فربما وهبك الولد ، وجاء عاقّاً ، كالولد الذي جاء فتنة لأبويْه ، يدعوهما إلى الكفر . ولو أن صاحب العقم رضي بما قسمه الله له من هبة العقم واعتبره هبة ورضي به لرأى كل ولد في المجتمع ولده من غير تعب في حَمْله وولادته وتربيته . فيرى جميع الأولاد من حوله أولاده ويعطف الله قلوبهم إليه كأنه والدهم … وكأن الحق تبارك وتعالى يقول له : ما دُمْتَ رضيتَ بهبة الله لك في العقم لأجعلنَّ كل ولدٍ ولداً لك . ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله : { وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } [ النحل : 57 ] . أي : من الذّكْران لأن الولد عِزْوة لأبيه ينفعه في الحرب والقتال وينفعه في المكاثرة … الخ إنما البنت تكون عالةً عليه ولذلك قال تعالى بعد هذا : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ … } .