Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 86-86)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق سبحانه في هذه الآية يريد أنْ يُربِّي الكفار ويُؤنّبهم ، ويريد أن يُبَرّئ ساحة رسوله صلى الله عليه وسلم ويتحمل عنه المسئولية ، فهو مجرد مُبلّغ عن الله ، وإياكم أن تقولوا عنه مُفْترٍ ، أو أتى بشيء من عنده ، بدليل أنني لو شِئْتُ لسلبتُ ما أوحيتُه إليه وقرأه عليكم وسمعتموه أنتم وكتبه الصحابة . فإنْ سأل متسائل : وكيف يذهب الله بوحي مُنزِّل على رسوله ، وحفظه وكتبه الصحابة ، وسمعه الكفار ؟ نقول : أولاً : سياق الآية يدلُّنا على أن هذه العملية لم تحدث لأن الحق سبحانه يقول : { وَلَئِن شِئْنَا … } [ الإسراء : 86 ] بمعنى : لو شِئْنا فعلنا ذلك ، فالفعل لم يحدث ، والمراد بيان إمكانية ذلك ليُبَرِّئ موقف رسول الله ، وأنه ليس له من الأمر شيء . والغريب أن يفهم البعض من قوله تعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ … } [ آل عمران : 128 ] أنها ضد رسول الله ، وقَدْح في شخصه ، وليس الأمر كذلك لأنه ربه تبارك وتعالى يريد أنْ يتحمّل عنه ما يمكن أن يُفسِد العلاقة بينه وبين قومه ، وكأنه يقول لهم : لا تغضبوا من محمد فالأمر عندي أنا ، وشبَّهنا هذا الموقف بالخادم الذي فعل شيئاً ، فيأتي سيده ليدافع عنه ، فيقول : أنا الذي أمرته . ثانياً : لماذا نستبعد في قدرة الخالق سبحانه أن يسلب مِنَّا ما أوحاه لرسوله وحفظناه وكتبناه ، ونحن نرى فاقد الذاكرة مثلاً لا يكاد يذكر شيئاً من حياته ، فإذا ما أرادوا إعادة ذاكرته يقومون بإجراء عملية جراحية مثلاً ، فما أشبه هذه بتلك . ونلاحظ في الآية جملة شرطية ، أداة الشرط فيها " إنْ " ، وهي تستخدم للأمر المشكوك في حدوثه ، على خلاف " إذا " فتأتي للأمر المحقق . ثم يُوضِّح لنا الحق سبحانه أنه إنْ ذهب بما أوحاه لرسوله ، فلن يستطيع أحد إعادته { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } [ الإسراء : 86 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ … } .