Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 25-25)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذه الآية تعطينا لقطةً من المذكرة التفصيلية التي أعطاها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عن أهل الكهف ، وهي تُحدِّد عدد السنين التي قضاها الفِتْية في كهفهم بأنها ثلاثمائة سنة ، وهذا هو عددها الفعليّ بحساب الشمس . لذلك فالحق سبحانه لم يَقُلْ ثلاثمائة وتسعاً ، بل قال : { وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } [ الكهف : 25 ] ولما سمع أهل الكتاب هذا القول اعترضوا وقالوا : نعرف ثلاثمائة سنة ، ولكن لا نعرف التسعة ذلك لأن حسابهم لهذه المدة كان حساباً شمسياً . ومعلوم أن الخالق سبحانه حينما خلق السماوات والأرض قسَّم الزمن تقسيماً فلكياً ، فجعل الشمس عنواناً لليوم ، نعرفه بشروقها وغروبها ، ولما كانت الشمس لا تدلّنا على بداية الشهر جعل الخالق سبحانه الشهر مرتبطاً بالقمر الذي يظهر هلالاً في أول كل شهر ، وقد قال تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ … } [ التوبة : 36 ] . فلو حسبتَ الثلاثمائة سنة هذه بالحساب القمري لوجدتها ثلاثمائة سنة وتسعاً ، إذن : هي في حسابكم الشمسي ثلاثمائة سنة ، وفي حسابنا القمري ثلاثمائة وتسعاً . ونعرف أن السنة الميلادية تزيد عن الهجرية بأحد عشر يوماً تقريباً في كل عام . ومن حكمة الخالق سبحانه أن ترتبط التوقيتات في الإسلام بالأهلة ، ولك أن تتصور لو ارتبط الحج مثلاً بشهر واحد من التوقيت الشمسي في طقس واحد لا يتغير ، فإنْ جاء الحج في الشتاء يظل هكذا في كل عام ، وكم في هذا من مشقة على مَنْ لا يناسبهم الحج في فصل الشتاء . والأمر كذلك في الصيام . أما في التوقيت القمري فإن هذه العبادات تدور بمدار العام ، فتأتي هذه العبادات مرة في الصيف ، ومرة في الخريف ، ومرة في الشتاء ، ومرة في الربيع ، فيؤدي كل إنسان هذه العبادة في الوقت الذي يناسبه لذلك قالوا : يا زمن وفيك كل الزمن . والمتأمل في ارتباط شعائر الإسلام بالدورة الفلكية يجد كثيراً من الآيات والعجائب ، فلو تتبعتَ مثلاً الأذان للصلاة في ظل هذه الدورة لوجدت أن كلمة " الله أكبر " نداء دائم لا ينقطع في ليل أو نهار من مُلْك الله تعالى ، وفي الوقت الذي تنادي فيه " الله أكبر " يُنادي آخر " أشهد ألا إله إلا الله " وينادي آخر " أشهد أن محمداً رسول الله " وهكذا دواليك في منظومة لا تتوقف . وكذلك في الصلاة ، ففي الوقت الذي تصلي أنت الظهر ، هناك آخرون يُصلّون العصر ، وآخرون يُصلُّون المغرب ، وآخرون يُصلّون العشاء ، فلا يخلو كَوْنُ الله في لحظة من اللحظات من قائم أو راكع أو ساجد . إذن : فلفظ الأذان وأفعال الصلاة شائعة في كُلِّ أوقات الزمن ، وبكُلّ ألوان العبادة . ثم يقول الحق سبحانه : { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } .