Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 42-42)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هكذا انتقل الرجاء إلى التنفيذ ، وكأن الله تعالى استجاب للرجل المؤمن ولم يُكذّب توقعه { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } [ الكهف : 42 ] أحيط : كأنْ جعل حول الثمر سوراً يحيط به ، فلا يكون له منفذ ، كما قال في آية أخرى : { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } [ يونس : 22 ] . وتلاحظ أنه سبحانه قال : { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } [ الكهف : 42 ] ولم يقُلْ مثلاً : أحيط بزرعه أو بنخله لأن الإحاطة قد تكون بالشيء ، ثم يثمر بعد ذلك ، لكن الإحاطة هنا جاءت على الثمر ذاته ، وهو قريب الجنْي قريب التناول ، وبذلك تكون الفاجعة فيه أشدَّ ، والثمر هو الغاية والمحصّلة النهائية للزرع . ثم يُصوِّر الحق سبحانه ندم صاحب الجنة وأَسَفه عليها : { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا } [ الكهف : 42 ] أي : يضرب كَفّاً بكفٍّ ، كما يفعل الإنسان حينما يفاجئه أمر لا يتوقعه ، فيقف مبهوتاً لا يدري ما يقول ، فيضرب كفّاً بكفٍّ لا يتكلم إلا بعد أن يُفيق من هَوْل هذه المفاجأة ودَهْشتها . ويُقلِّب كفَّيْه على أيِّ شيء ؟ يُقلِّب كفيه ندماً على ما أنفق فيها { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } [ الكهف : 42 ] خاوية : أي خَربة جَرْداء جَدْباء ، كما قال سبحانه في آية أخرى : { أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } [ البقرة : 259 ] . ومعلوم أن العروش تكون فوق ، فلما نزلت عليها الصاعقة من السماء دكَّتْ عروشها ، وجعلت عاليها سافلها ، فوقع العرش أولاً ، ثم تهدَّمتْ عليه الجدران . وقوله تعالى : { وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } [ الكهف : 42 ] بعد أن ألجمتْه الدهشة عن الكلام ، فراحَ يضرب كفَّاً بكفٍّ ، أفاق من دهشته ، ونزع هذا النزوع القوليّ الفوري : { يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } [ الكهف : 42 ] يتمنى أنه لم يشرك بالله أحداً لأن الشركاء الذين اتخذهم من دون الله لم ينفعوه ، لذلك قال بعدها : { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ … } .