Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 90-90)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ … } [ الكهف : 90 ] كما قلنا في مغربها ، فهي دائماً طالعة لأنها لا تطلع من مكان واحد ، بل كل واحد له مطلع ، وكل واحد له مغْرب حسب اتساع الأفق . ثم يقول تعالى : { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً } [ الكهف : 90 ] السِّتْر : هو الحاجز بين شيئين ، وهو إما ليقينيَ الحر أو ليقينيَ البرد ، فقد ذهب ذو القرنين إلى قوم من المتبدين الذين يعيشون عراة كبعض القبائل في وسط أفريقيا مثلاً ، أو ليس عندهم ما يسترهم من الشمس مثل البيوت يسكنونها ، أو الأشجار يستظِلّون بها . وهؤلاء قوم نسميهم " ضاحون " أي : ليس لهم ما يأويهم من حَرِّ الصيف أو بَرد الشتاء ، وهم أُنَاسٌ متأخرون بدائيون غير متحضرين . ومثل هؤلاء يعطيهم الله تعالى في جلودهم ما يُعوِّضهم عن هذه الأشياء التي يفتقدونها ، فترى في جلودهم ما يمنحهم الدفء في الشتاء والبرودة في الصيف . وهذا نلاحظه في البيئات العادية ، حيث وَجْه الإنسان وهو مكشوف للحر وللبرد ، ولتقلبات الجو ، لذلك جعله الله على طبيعة معينة تتحمل هذه التقلبات ، على خلاف باقي الجسم المستور بالملابس ، فإذا انكشف منه جزء كان شديدَ الحساسية للحرِّ أو للبرد ، وكذلك من الحيوانات ما منحها الله خاصية في جلودها تستطيع أنْ تعيش في القطب المتجمد دون أن تتأثر ببرودته . وهؤلاء البدائيون يعيشون هكذا ، ويتكيفون مع بيئتهم ، لا تشغلهم مسألة الملابس هذه ، ولا يفكرون فيها ، حتى يذهب إليهم المتحضرون ويروْنَ الملابس ، وكيف أنها زينة وسَتْر للعورة فيستخدمونها . ونلاحظ هنا أن القرآن لم يذكر لنا عن هؤلاء القوم شيئاً ، وماذا فعل ذو القرنين معهم ، وإنْ قِسْنا الأمر على القوم السابقين الذين قابلهم عند مغرب الشمس نقول : ربما حضَّرهم ووفَّر لهم أسباب الرُّقي . وبعض المفسرين يروْنَ أن ذا القرنين ذهب إلى موضعٍ يومُه ثلاثة أشهر ، أو نهاره ستة أشهر ، فصادف وصوله وجود الشمس فلم يَرَ لها غروباً في هذا المكان طيلة وجوده به ، ولم يَرَ لها سِتْراً يسترها عنهم ، ويبدو أنه ذهب في أقصى الشمال . ويقول الحق سبحانه : { كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا … } .