Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 93-93)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

السد : هو الحاجز بين شيئين ، والحاجز قد يكون أمراً معنوياً ، وقد يكون طبيعياً محسوساً كالجبال ، فالمراد بالسدين هنا جبلان بينهما فجوة ، وما دام قد قال : { بَيْنَ السَّدَّيْنِ } فالبَيْن هنا يقتضي وجود فجوة بين السدين يأتي منها العدو . { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا … } [ الكهف : 93 ] أي : تحتهما { قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } [ الكهف : 93 ] أي : لا يعرفون الكلام ، ولا يفقهون القول لأن الذي يقدر أن يفهم يقدر أن يتكلم ، وهؤلاء لا يقولون كلاماً ، ولا يفهمون ما يُقَال لهم ، ومعنى : { لاَّ يَكَادُونَ … } [ الكهف : 93 ] لا يقربون من أن يفهموا ، فلا ينفي عنهم الفَهْم ، بل مجرد القُرْب من الفهم ، وكأنه لا أملَ في أن يفهمهم . لكن ، كيف نفى عنهم الكلام ، ثم قال بعدها مباشرة : { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ … } [ الكهف : 94 ] فأثبت لهم القول ؟ يبدو أنه خاطبهم بلغة الإشارة ، واحتال على أن يجعلَ من حركاتهم كلاماً يفهمه وينفذ لهم ما يريدون ، ولا شكَّ أن هذه العملية احتاجت منه جهداً وصبراً حتى يُفهمهم ويفهم منهم ، وإلا فقد كان في وُسْعه أنْ ينصرف عنهم بحجة أنهم لا يتكلمون ولا يتفاهمون . فهو مثال للرجل المؤمن الحريص على عمل الخير ، والذي لا يألو جَهْداً في نَفْع القوم وهدايتهم . والإشارة أصبحت الآن لغة مشهورة ومعروفة ، ولها قواعد ودارسون يتفاهمون بها ، كما نتفاهم نحن الآن مع الأخرس . ثم يقول الحق سبحانه : { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ … } .