Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 98-98)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لم يَفُتْ ذا القرنين - وهو الرجل الصالح - أنْ يسند النعمة إلى المنعم الأول ، وأنْ يعترف بأنه مجرد واسطة وأداة لتنفيذ أمر الله : { قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي } [ الكهف : 98 ] لأنني أخذتُ المقوِّمات التي منحني الله إياها ، واستعملتها في خدمة عباده . الفكر مخلوق لله ، والطاقة والقوة مخلوقة لله ، المواد والعناصر في الطبيعة مخلوقة لله ، إذن : فما لي أن أقول : أنا عملتُ كذا وكذا ؟ ثم يقول تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي … } [ الكهف : 98 ] أي : الآخرة { جَعَلَهُ دَكَّآءَ … } [ الكهف : 98 ] فإياكم أن تظنوا أن صلابة هذا السَّد ومتانته باقية خالدة ، إنما هذا عمل للدنيا فحسب ، فإذا أتى وَعْد الله بالآخرة والقيامة جعله الله دكاً وسوّاه بالأرض ، ذلك لكي لا يغترون به ولا يتمردون على غيرهم بعد أنْ كانوا مُستذلّين مُستضعفين ليأجوج ومأجوج . وكأنه يعطيهم رصيداً ومناعة تقيهم الطغيان بعد الاستغناء . { وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً } [ الكهف : 98 ] واقعاً لا شَكَّ فيه . والتحقيق الأخير في مسألة ذي القرنين وبناء السد أنه واقع بمكان يُسمَّى الآن بلخ والجبلان من جبال القوقاز ، وهما موجودان فعلاً ، وبينهما فَجْوة مبنيُّ فيها ، ويقولون : إن صاحب هذا البناء هو قورش ، وهذا المكان الآن بين بحر قزوين والبحر الأسود . ثم يقول الحق سبحانه : { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ … } .