Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 75-75)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : قل أمر لرسوله صلى الله عليه وسلم : { مَن كَانَ فِي ٱلضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } [ مريم : 75 ] أي : يُمهله ويستدرجه لأنه رَبٌّ للجميع ، وبحكم ربوبيته يعطي المؤمن والكافر ، وكما يعين المؤمن بالنصر ، كذلك يعين الكافر بمراده ، كما في قوله تعالى : { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } [ البقرة : 10 ] . لأنهم ارتاحوا إليه ، ورَضُوا به ، وطلبوا منه المزيد . { فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } [ مريم : 75 ] أي : في الدنيا وزينتها ، كما قال : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] . وفي موضع آخر يقول : إياك أنْ تعجبك أموالهم وأولادهم لأنها فتنة لهم ، يُعذِّبهم بها في الدنيا بالسَّعْي في جمع الأموال وتربية الأولاد ، ثم الحسرة على فقدهما ، ثم يُعذِّبهم بسببها في الآخرة : { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } [ التوبة : 55 ] . ثم يقول تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ … } [ مريم : 75 ] . العذاب : عذاب الدنيا . أي : بنصر المؤمنين على الكافرين وإهانتهم وإذلالهم { وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ } [ مريم : 75 ] أي : ما ينتظرهم من عذابها ، وعند ذلك : { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } [ مريم : 75 ] لكنه عِلْم لا يُجدي ، فقد فات أوانه ، فالموقف في الآخرة حيث لا استئناف للإيمان ، فالنكاية هنا أعظم والحسرة أشدّ . لكن ، ما مناسبة ذكر الجند هنا والكلام عن الآخرة ؟ وماذا يُغني الجند في مثل هذا اليوم ؟ قالوا : هذا تهكُّم بهم كما في قوله تعالى : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 22 - 23 ] ، فهل أَخْذهم إلى النار هداية ؟ ثم يلتفت إليهم : { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ * قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ * قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } [ الصافات : 25 - 30 ] . أي : لم نُجبركم على شيء ، مجرد أنْ أشَرْنَا لكم أطعتمونا . لذلك ، سيقولون في موضع آخر : { رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } [ فصلت : 29 ] .