Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 107-107)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعد أن بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى لنا أن هناك آيات نسخت في القرآن … أراد أن يوضح لنا أنه سبحانه له طلاقة القدرة في كونه يفعل ما يشاء … ولذلك بدأ الآية الكريمة : { أَلَمْ تَعْلَمْ } [ البقرة : 107 ] … وهذا التعبير يسمى الاستفهام الاستنكاري أو التقريري … لأن السامع لا يجد إلا جواباً واحداً بأنه يقر ما قاله الله تبارك وتعالى … ويقول نعم يا رب أنت الحق وقولك الحق . قوله تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ البقرة : 107 ] … الملك يقتضي مالكاً ويقتضي مملوكاً … ويقتضي قدرة على استمرار هذا الملك وعدم زواله … فكأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يبين لنا أنه يقدر ويملك المقدرة … والإنسان ليست له قدرة التملك ولا المقدرة على استبقاء ما يملكه … والإنسان لا يملك الفعل في الكون … إن أراد مثلاً أن يبني عمارة قد لا يجد الأرض … فإن وجد الأرض قد لا يجد العامل الذي يبني … فإن وجده قد لا يجد مواد البناء … فإن وجد هذا كله قد تأتي الحكومة أو الدولة وتمنع البناء على هذه الأرض … أو أن تكون الأرض ملكاً لإنسان آخر فتقام القضايا ولا يتم البناء . والحق سبحانه وتعالى يقول : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ البقرة : 107 ] … أي أن كل شيء في الوجود هو ملك لله وهو يتصرف بقدرته فيما يملك … ولذلك عندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة … كان اليهود يملكون المال ولهم معرفة ببعض العلم الدنيوي لذلك سادوا المدينة … وبدأوا يمكرون برسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين … والله تبارك وتعالى طمأن رسوله بأن طلاقة القدرة في الكون هي لله وحده … وأنه إذا كان لهم ملك فإنه لا يدوم لأن الله ينزع الملك ممن يشاء ويعطيه لمن يشاء … ولذلك حينما يأتي يوم القيامة ويُهلك الله الأرض ومن عليها … يقول سبحانه : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ … } [ غافر : 16 ] . ويرد جل جلاله بشهادة الذات للذات فيقول : { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . وما دام الله هو المالك وحده … فإنه يستطيع أن ينزع من اليهود وغيرهم ومن الدنيا كلها ما يملكونه … ويحدثنا العلماء أن العسَسَ وهم الجنود الذين يسيرون ليلاً لتفقد أحوال الناس وجدوا شخصاً يسير ليلاً … فلما تقدموا منه جرى فجروا وراءه إلى أن وصل إلى مكان خرب ليستتر فيه … تقدم العسس وأمسكوا به وإذا بهم يجدون جثة قتيل في المكان … فقالوا له أنت القاتل لأنك جريت حين رأيتنا ولأنك موجود الآن في المكان الذي فيه جثة القتيل . . فأخذوه ليحاكموه فقال لهم أمهلوني لأصلي ركعتين لله … فأمهلوه فصلى ثم رفع يديه إلى السماء وقال اللهم إنك تعلم أنه لا شاهد على براءتي إلا أنت … وأنت أمرتنا ألا نكتم الشهادة فأسألك ذلك في نفسك … فبينما هم كذلك إذا أقبل رجل فقال … أنا قاتل هذا القتيل وأنا أقر بجريمتي … فتعجب الناس وقالوا لماذا تقر بجريمتك ولم يرك أحد ولم يتهمك أحد … فقال لهم والله ما أقررت إنما جاء هاتف فأجرى لساني بما قلت … فلما أقر القاتل بما فعل وقام ولي المقتول وهو أبوه فقال … اللهم إني أشهدك إني قد أعفيت قاتل ابني من دينه وقصاصه . انظر إلى طلاقة قدرة الحق سبحانه وتعالى … القاتل أراد أن يختفي ولكن انظر إلى دقة السؤال من السائل أو المتهم البريء … وقد صلى ركعتين لله … لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا أنه إذا حزبنا أمر قمنا إلى الصلاة فليس أمامنا إلا هذا الباب … وبعد أن صلى سأل الله أنت أمرتنا ألا نكتم الشهادة ولا يشهد ببراءتي أحد إلا أنت فأسألك ذلك في نفسك وبعد ذلك كان ما كان . وهذه القصة تدلنا على أننا في قبضة الله … أردنا أو لم نرد … بأسباب أو بغير أسباب … لماذا ؟ … لأن الله له ملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير … وقوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ البقرة : 107 ] … الولي هو من يواليك ويحبك … والنصير هو الذي عنده القدرة على أن ينصرك وقد يكون النصير غير الولي … الحق تبارك وتعالى يقول أنا لكم وليٌّ ونصير أي محب وأنصركم على من يعاديكم .