Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 113-113)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نقول إن أصدق ما قاله اليهود والنصارى … هو أن كل طائفة منهم اتهمت الأخرى بأنها ليست على شيء … فقال اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء … والعجيب إن الطائفتين أهل كتاب … اليهود أهل كتاب والنصارى أهل كتاب … ومع ذلك كل منهما يتهم الآخر بأنه لا إيمان له وبذلك تساوى مع المشركين الذين يقولون إن أهل الكتاب ليسوا على شيء … أي أن المشركين يقولون اليهود ليسوا على شيء والنصارى ليسوا على شيء … واليهود يقولون المشركون ليسوا على شيء والنصارى ليسوا على شيء … ثم يقول الحق سبحانه وتعالى : { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ } [ البقرة : 113 ] … وبذلك أصبح لدينا ثلاث طوائف يواجهون الدعوة الإسلامية … طائفة لا تؤمن بمنهج سماوي ولا برسالة إلهية وهؤلاء هم المشركون … وطائفتان لهم إيمان ورسل وكتب هم اليهود والنصارى … ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى : { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ } [ البقرة : 113 ] … أي الذين لا يعلمون ديناً ولا يعلمون إلهاً ولا يعلمون أي شيء عن منهج السماء … اتحدوا في القول مع اليهود والنصارى وأصبح قولهم واحداً . وكان المفروض أن يتميز أهل الكتاب الذين لهم صلة بالسماء وكتب نزلت من الله ورسل جاءتهم للهداية … كان من المفروض أن يتميزوا على المشركين … ولكن تساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون … وهذا معنى قوله تعالى : { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ } [ البقرة : 113 ] … وما دامت الطوائف الثلاث قالوا على بعضهم نفس القول … يكون حجم الخلاف بينهم كبيراً وليس صغيراً … لأن كل واحد منهم يتهم الآخر أنه لا دين له . هذا الخلاف الكبير من الذي يحكم فيه ؟ لا يحكم فيه إِلاَّ الله … فهو الذي يعلم كل شيء … وهو سبحانه القادر على أن يفصل بينهم بالحق … ومتى يكون موعد هذا الفصل أو الحكم ؟ أهو في الدنيا ؟ لا … فالدنيا دار اختبار وليست دار حساب ولا محاسبة ولا فصل في قضايا الإيمان … ولذلك فإن الحكم بينهم يتم يوم القيامة وعلى مشهد من خلق الله جميعاً . والحق سبحانه وتعالى يقول : { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ البقرة : 113 ] … ومعنى الحكم هنا ليس هو بيان المخطئ من المصيب فالطوائف الثلاث مخطئة … والطوائف الثلاث في إنكارها للإسلام قد خرجت عن إطار الإيمان … ويأتي الحكم يوم القيامة ليبين ذلك ويواجه المخالفين بالعذاب .