Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 137-137)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نقول إن السؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة لهذه الآية … هل لِما آمنا به مثل حتى يؤمنوا به ؟ إنك لكي تؤمن لابد أن تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله … فهل إذا قالها أحد بعدك يكون قال ما قلته أم مثل ما قلته ؟ يكون قال مثل ما قلت . أي إنني حين أعلن إيماني وآخذ الشهادة التي قلتها أنت أكون قد قلت مثلها لأن ما نطقت به لا يفارقك أنت … ولكني إذا صنعت شيئاً وقلت لغيري اصنع مثله ، هو سيصنع شيئاً جديداً ولن يصنع ما صنعته أنا . نفس الشيء حين تقول لي : تصدق بمثل ما تصدق به فلان … لن تكون الصدقة هي نفس المال بل تكون مثله . نقول لمن يردد هذا الكلام : إنك لم تفهم المعنى إيمانهم أن يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وإيمان غيرهم أن يقولوا مثل هذه العبارة أي أن يعلنوا إيمانهم مثلنا بالله ورسوله … فالمثل هنا يرتبط بالشهادة وكل من آمن بالإسلام نطق بالشهادتين مثل من سبقوه في الإيمان . فالمثلية هنا في العبارة وإيمانهم هو أن يقولوا مثل ما قلنا . يقول الحق تبارك وتعالى : { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } [ البقرة : 137 ] أي اهتدوا إلى الحق … { وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } [ البقرة : 137 ] وتولوا يعني أعرضوا . وشقاق يعني خلافاً معكم وخلافاً مع بعضهم البعض فلكل منهم وجهة نظر يدعيها ، وهداية اخترعها … حتى إذا التقوا في الكفر فلن يلتقوا في أسباب الكفر كل واحد اتخذ سبباً ولذلك اختلفوا … والشقاق من المشقة والنزاع والمشاجرة ، والشق هو الفرقة بين شيئين . وقوله تعالى : { فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ } [ البقرة : 137 ] أي لا تلتفت إلى معاركهم ولا إلى حوارهم فالله يكفيك بكل الوسائل عمن سواه واقرأ قوله سبحانه : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ } [ الزمر : 36 ] . الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا حاول اليهود والنصارى والمنافقون أن يكيدوا لك ويؤذوك والمؤمنين ، فالله سبحانه وتعالى يكفيك لأنه عليم سميع بصير لا يخفى عليه شيء … ولقد حاول اليهود قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة وحاولوا إيذاءه بالسحر فأبطل الله كيدهم وأظهر ما خفي منه وأطلع رسوله عليه … فمهما استخدموا من وسائل ظاهرة أو خفية فسيكفيك الله شرها ولذلك قال تعالى : { فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [ البقرة : 137 ] … أي سميع بما يقال ، عليم بما يدبرونه . بل يعلم ما في صدورهم قبل أن ينطقوا به … فلا تعتقد أن شيئاً يفوت على الله سبحانه أو يفلت منه . إن كل حركة قبل أن تحدث يعلمها سبحانه ، وكل كيد قبل أن يتم هو محبطه . فإذا كان الله سبحانه وتعالى معك فماذا تخشى ؟ وممن تخاف ؟ ومن ذا الذي يستطيع أن يصل إليك ؟ . وأنت معك خالق هذا الكون ومدبره الذي لا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض … عليم بكل ما سيحدث حتى يوم القيامة وبعد يوم القيامة … وما دام معك القوي الذي لا يضعف أبداً والحي الذي لا يموت أبداً والعليم بكل شيء فلا تخشى أحداً لأنك في أمان الله سبحانه .