Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 148-148)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شاء الله سبحانه أن يجعل الإنسان مختاراً … ومن هنا فإن له الاختيار في أن يؤمن أو لا يؤمن … أن ينصر الحق أو ينصر الباطل … أن يفعل الخير أو يفعل الشر … كل هذه اختبارات شاء الله أن يعطيها للإنسان في الدنيا بحيث يستطيع أن يفعل أو لا يفعل … ولكن هذا لن يبقى إلى الأبد . إن هذا الاختيار موجود في الحياة الدنيا . ولكن بشرية الإنسان تنتهي ساعة الاحتضار ، فعند مواجهة الموت ونهاية العمر يصبح الإنسان مقهوراً وليس مختاراً … فهو لا يملك شيئاً لنفسه ، ولا يستطيع أن يقول لن أموت الآن … انتهت بشريته وسيطرته على نفسه حتى أعضاؤه تشهد عليه … ففي الحياة الدنيا كل واحد يختار الوجهة التي يتجه إليها ، هذا يختار الكفر وهذا يختار الإيمان … هذا يختار الطاعة وهذا يختار المعصية ، فما دام للإنسان اختيار فكل واحد له وجهة مختلفة عن الآخر … والذي يهديه الله يتجه إلى الخيرات وكأنه يتسابق إليها … لماذا ؟ لأنه لا يعرف متى يموت ولذلك كلما تسابق إلى خير كان ذلك حسنة أضافها لرصيده . إن المطلوب من المؤمنين في الحياة الدنيا أن يتسابقوا إلى الخيرات قبل أن يأتيهم الأجل ولا يحسب واحد منهم أنه سيفلت من الله … لأنه كما يقول عز وجل : { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } [ البقرة : 148 ] … أي أنه ليس هناك مكان تستطيعون أن تختفوا فيه عن علم الله تبارك وتعالى ، بل هو يعرف أماكنكم جميعاً واحداً واحداً وسيأتي بكم جميعاً مصداقاً لقوله تعالى : { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [ الكهف : 47 ] . وقوله سبحانه : { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [ الذاريات : 50 ] . أي أن الحق جل جلاله يريدنا أن نعرف يقينا أننا لا نستطيع أن نفر من علمه . ولا من قدره ولا من عذابه … وأن الطريق الوحيد المفتوح أمامنا هو أن نفر إلى الله … وأنه لا منجاة من الله إلا إليه … ولذلك لا يظن كافر أو عاص أنه سيفلت من الله … ولا يظن أنه لن يكون موجوداً يوم القيامة ، أو أنه لن يحاسب أو أنه يستطيع أن يختفي . إن غرور الدنيا قد يركب بعض الناس فيظنون أنهم في منعة من الله ، وأنهم لن يلاقوه … نقول لهم إنكم ستفاجأون في الآخرة حين تعرفون أن الحساب حق والجنة حق والنار حق . ستفاجأون بما سيحدث لكم … ومن لم يؤمن ولم يسارع إلى الخير سيلقى الخزي والعذاب الأليم … إن الله ينصحنا أن نؤمن وأن نسارع في الخيرات لننجوا من عذابه ، ويقول لنا لن يفلت واحد منكم ولا ذرة من ذرات جسده من الوقوف بين يدي الله للحساب … ولذلك ختم الله هذه الآية الكريمة بقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة : 148 ] … أي أن الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء ولا يخرج عن طاعته شيء … إنه سبحانه على كل شيء قدير .