Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 53-53)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق سبحانه وتعالى يذكر بني إسرائيل هنا … أنه بعد أن أراهم من المعجزات الكثير ، ونجاهم من آل فرعون وشق لهم البحر - كان لابد أن يؤمنوا إيماناً حقيقياً لا يشوبه أي نوع من التردد … ذلك لأنهم رأوا وشهدوا ، وكانت شهادتهم عين يقين . أي شهدوا بأعينهم ماذا حدث . ولكن هل استطاعت هذه المشاهدة أن تمحو من قلوبهم النفاق والكفر ؟ … لا … لقد ظلوا معاندين طوال تاريخهم . لم يأخذوا أي شيء بسهولة . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من أن يكونوا كبني إسرائيل ويكونوا قوماً شددوا فشدد الله عليهم ، وكان ذلك بالنسبة لقصة البقرة التي أمروا أن يذبحوها ليعرفوا مَنْ القاتل في جريمة قتل كادت تثير حروباً بينهم ، فأخذوا يسألون ما هي وما لونها إلى آخر ما سنتحدث عنه … عندما نأتي إلى الآيات الكريمة الخاصة بهذه الواقعة . فلو ذبحوا أي بقرة لكفتهم … لأنه يكفي أن يقول لهم الله سبحانه وتعالى اذبحوا بقرة فيذبحوا أي بقرة ، وعدم التحديد يكون أسهل عليهم ، ولكنهم سألوا وظلوا يسألون فشدد عليهم بتحديد بقرة معينة بذاتها … ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذَرُوني ما تَرَكْتُكُمْ فإنما هلكَ من قبلِكُم بكثرةِ سؤالِهِمْ واختلافِهِمْ على أنبيائِهِم فإذا أمرتُكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نَهَيْتُكُم عن شيء فدعُوه " . والله سبحانه وتعالى في قوله : { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ } [ البقرة : 53 ] . كأن آيتا موسى الكتاب والفرقان نعمة يجب أن يذكرها قومه ، وأن يستقبلوا منهج الله على أنه نعمة … فلا يأخذ الإنسان التكليف الإلهي من زاوية ما يقيد حركته ولا ما يعطيه له … ذلك أن الله حين حَرَّم عليك السرقة … حرم على الناس جميعاً أن يسرقوك … فإذا أخذ منك حريتك أن تسرق ، فقد أخذ من الناس كل الناس حريتهم أن يسرقوا مالك ، وهذه حماية كبيرة لك . ما هو الكتاب … وما هو الفرقان ؟ … الكتاب هو التوراة … هو الذي يبين المنهج … والفرقان هو الأشياء التي يفرق الله فيها بين الحق والباطل ، فكأن الفرقان تطلق مرة على التوراة لأنها تفرق بين الحق والباطل ، وتطلق أيضاً على كل ما يفرق بين الحق والباطل ، ولذلك سمي يوم بدر يوم الفرقان لأنه فرق بين الحق والباطل … فكأن منهج الله وكتابه يبين لنا أين الحق وأين الباطل ويفرق بينهما .