Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 92-92)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بعد أن بين لنا الله سبحانه وتعالى رفضهم للإيمان بما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم … بحجة أنهم يؤمنون بما أنزل إليهم فقط … أوضح لنا أن هذه الحجة كاذبة وأنهم في طبيعتهم الكفر والإلحاد … فقال سبحانه : { وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ } [ البقرة : 92 ] … أي أن موسى عليه السلام أيده الله ببينات ومعجزات كثيرة كانت تكفي لتملأ قلوبكم بالإيمان وتجعلكم لا تعبدون إلا الله … فلقد شق لكم البحر ومررتم فيه وأنتم تنظرون وترون … أي أن المعجزة لم تكن غيباً عنكم بل حدثت أمامكم ورأيتموها … ولكنكم بمجرد أن تجاوزتم البحر وذهب موسى للقاء الله … بمجرد أن حدث ذلك اتخذتم العجل إلهاً من دون الله وعبدتموه … فكيف تدعون أنكم آمنتم بما أنزل إليكم … لو كنتم قد آمنتم به ما كنتم اتخذتم العجل إلهاً . والحق تبارك وتعالى يريد أن ينقض حجتهم في أنهم يؤمنون بما أنزل إليهم … ويرينا أنهم ما آمنوا حتى بما أنزل إليهم … فجاء بحكاية قتل الأنبياء … ولو أنهم كانوا مؤمنين حقاً بما أنزل إليهم فليأتوا بما يبيح لهم قتل أنبيائهم ولكنهم كاذبون … أما الحجة الثانية فهي إن كنتم تؤمنون بما أنزل إليكم … فقولوا لنا كيف وقد جاءكم موسى بالآيات الواضحة من العصا التي تحولت إلى حية واليد البيضاء من غير سوء والبحر الذي شققناه لكم لتنجوا من قوم فرعون … والقتيل الذي أحياه لله أمامكم بعد أن ضربتموه ببعض البقرة التي ذبحتموها … آيات كثيرة ولكن بمجرد أن ترككم موسى وذهب للقاء ربه عبدتم العجل . إذن فقولكم نؤمن بما أنزل إلينا غير صحيح … فلا أنتم مؤمنون بما أنزل إليكم ولا أنتم مؤمنون بما أنزل من بعدكم … وكل هذه حجج الهدف منها عدم الإيمان أصلاً . وقوله تعالى : { ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } [ البقرة : 92 ] … واتخاذ العجل في ذاته ليس معصية إذ اتخذته للحرث أو للذبح لتأكل لحمه … ولكن المعصية هي اتخاذ العجل معبوداً … وقوله تعالى : { ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ } [ البقرة : 92 ] … أي أن ذلك أمر مشهود لم تعبدوا العجل سراً بل عبدتموه جهراً ، ولذلك فهو أمر ليس محتاجاً إلى شهود ولا إلى شهادة لأنه حدث علناً وأمام الناس كلهم … وذكر حكاية العجل هذه ليشعروا بذنبهم في حق الله … كأن يرتكب الإنسان خطأ ثم يمر عليه وقت … وكلما أردنا أن نؤنبه ذكرناه بما فعل … وقوله تعالى : { وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } [ البقرة : 92 ] … أي ظالمون في إيمانكم … ظالمون في حق الله بكفركم به .