Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 121-121)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : بعد أن أكلا من هذه الشجرة ظهرتْ لهما سوءآتهما ، والسَّوْأة هي العورة أي : المكان الذي يستحي الإنسان أن ينكشف منه ، والمراد القُبُل والدُّبُر في الرجل والمرأة . ولكل من القُبل والدُّبر مهمة ، وبهما يتخلص الجسم من الفضلات ، الماء من ناحية الكُلى والحالب والمثانة عن طريق القُبل ، وبقايا وفضلات الطعام الناتجة عن حركة الهَضْم وعملية الأَيْض ، وهذه تخرج عن طريق الدُّبُر . لكن ، متى أحسَّ آدم وزوجه بسوءاتهما ، أبعد الأكل عموماً من شجر الجنة ، أم بعد الأكل من هذه الشجرة بالذات ؟ الحق - تبارك وتعالى - رتَّب ظهور العورة على الأكل من الشجرة التي نهاهما عنها { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا … } [ طه : 121 ] فقبْل الأكل من هذه الشجرة لم يعرفا عورتيهما ، ولم يعرفا عملية الإخراج هذه لأن الغذاء كان طاهيه ربُّه ، فيعطي القدرة والحياة دون أن يخلف في الجسم أيَّ فضلات . لكن ، لما خالفوا وأكلوا من الشجرة بدأ الطعام يختمر وتحدث له عملية الهضم التي نعرفها ، فكانت المرة الأولى التي يلاحظ فيها آدم وزوجه مسألة الفضلات ، ويلتفتان إلى عورتيهما : ما هذا الذي يخرج منها ؟ وهنا مسألة رمزية ينبغي الالتفات إليها ، فحين ترى عورة في المجتمع فاعلم أن منهجاً من مناهج الله قد عُطل . إذن : لم يعرف آدم وزوجه فضلات الطعام وما ينتج عنه من ريح وأشياء مُنفِّرة قذرة إلا بعد المخالفة ، وهنا تحيَّرا ، ماذا يفعلان ؟ ولم يكن أمامهما إلا ورق الشجر { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ … } [ طه : 121 ] . أي : أخذا يلصقان الورق على عورتيهما لسترها هكذا بالفطرة ، وإلا ما الذي جعل هاتين الفتحتين عورة دون غيرهما من فتحات الجسم كالأنف والفم مثلاً ؟ قالوا : لأن فَتْحتيْ القُبُل والدُّبُر يخرج منهما شيء قذر كريه يحرص المرء على سَتْره ، ومن العجيب أن الإنسان وهو حيوان ناطق فضَّله الله ، وحين يأكل يأكل باختيار ، أمّا الحيوان فيأكل بغريزته ، ومع ذلك يتجاوز الإنسان الحد في مأكله ومشربه ، فيأكل أنواعاً مختلفة ، ويأكل أكثر من حاجته ويأكل بعدما شبع ، على خلاف الحيوان المحكوم بالغريزة . ولذلك ترى رائحة الفضلات في الإنسان قذرة مُنفّرة ، ولا فائدة منها في شيء ، أما فضلات الحيوان فلا تكاد تشمُّ لها رائحة ، ويمكن الاستفادة منها فيجعلونها وقوداً أو سماداً طبيعياً . وبعد ذلك نتهم الحيوان ونقول : إنه بهيم … إلخ . وقوله تعالى : { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [ طه : 121 ] أي : فيما قبل النبوة ، وفي مرحلة التدريب ، والإنسان في هذه المرحلة عُرْضة لأنْ يصيب ، ولأنْ يخطىء ، فإنْ أخطأ في هذه المرحلة لا تضربه بل تُصوِّب له الخطأ . كالتلميذ في فترة الدراسة ، إنْ أخطأ صوَّب له المعلم ، أما في الامتحان فيحاسبه . ومعنى : { فَغَوَىٰ } [ طه : 121 ] يعني : لم يُصِبْ الحقيقة ، كما يقولون لمن تاه في الصحراء غاوٍ أي : تائه . ثم تأتي المرحلة الأخرى : مرحلة العِصْمة . ثم يقول الحق سبحانه : { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ … } .