Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 94-94)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق - سبحانه وتعالى - يستأنف معنا العِظة بالعمل الصالح ليعطينا الأمل لو رجعنا إلى الله ، والدنيا كلها تَشهد أن أيَّ مبدأ باطل ، أو شعار زائف زائل يُزخرفون به أهواءهم لا يلبث أنْ ينهار ولو بَعْد حين ، ويتبين أصحابه أنه خطأ ويعدلون عنه . ومثال ذلك الفكر الشيوعي الذي ساد روسيا منذ عام 1917وانتهكت في سبيله الحرمات ، وسفكتْ الدماء ، وهدمتْ البيوت ، وأخذت الثروات ، وبعد أن كانت أمة تصدر الغذاء لدول العالم أصبحت الآن تتسول من دول العالم ، وهم أول مَنْ ضَجَّ من هذا الفكر وعانى من هذه القوانين . وقوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ … } [ الأنبياء : 94 ] ربط العمل الصالح بالإيمان ، لأنه مُنطلَق المؤمن في كُلِّ ما يأتي وفي كُلِّ ما يدع لينال بعمله سعادة الدنيا وسعادة الآخرة . أمّا مَنْ يعمل الصالح لذات الصلاح ومن منطلق الإنسانية والمروءة ، ولا يخلو هذا كله في النهاية عن أهواء وأغراض ، فليأخذ نصيبه في الدنيا ، ويحظى فيها بالتكريم والسيادة والسُّمْعة ، وليس له نصيب في ثواب الآخرة لأنه فَعَل الخير وليس في باله الله . والحق سبحانه يعطينا مثالاً لذلك في قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ … } [ النور : 39 ] . يعني : فوجئ بوجود إله يحاسبه ويجازيه ، وهذه مسألة لم تكُنْ على باله ، فيقول له : عملتَ ليقال وقد قيل . وانتهت المسألة لذلك يقول تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ … } [ الشورى : 20 ] أي : نعطيه أجره في عالم آخر لا نهاية له { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] . لأنه عَمِلَ للناس ، فليأخذ أجره منهم ، يُخلِّدون ذكراه ، ويُقيمون له المعارض والتماثيل … الخ . وقوله تعالى : { فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ … } [ الأنبياء : 94 ] يعني : لا نبخسه حَقَّه ولا نجحد سَعْيه أبداً { وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ } [ الأنبياء : 94 ] نسجِّل له أعماله ونحفظها ، والمفروض أن الإنسان هو الذي يُسجِّل لنفسه ، فإنْ سجَّل لك عملَك ربُّك الذي يُثيبك عليه ، وسجَّله على نفسه ، فلا شكَّ أنه تسجيل دقيق لا يبخسك مثقال ذرة من عملك . ثم يقول الحق سبحانه : { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ … } .