Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 72-72)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تصور هذه الآية حال الكفار عند سماعهم لكتاب الله وآياته من رسول الله أو صحابته ، فإذا سمعوها { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ … } [ الحج : 72 ] أي : الكراهية تراها وتقرؤها في وجوههم عُبُوساً وتقطيباً وغضباً وانفعالاً ، ينكر ما يسمعون ، ويكاد أن يتحول الانفعال إلى نزوع غضبي يفتك بمَنْ يقرأ القرآن لما بداخلهم من شر وكراهية لما يتلى عليهم . لذلك قال تعالى بعدها : { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا … } [ الحج : 72 ] والسَّطْو : الفَتْك والبطش لأن العمل الوجداني الذي يشغل نفوسهم يظهر أولاً على وجوههم انفعالاً يُنبىء بشيء يريدون إيقاعه بالمؤمنين ، ثم يتحول الوجدان إلى نزوع حركي هو الفتك والبطش . قُلْ في الرد عليهم : ماذا يُغضِبكم حتى تسطوا علينا وتكرهوا ما نتلو عليكم من كتاب الله . والغيظ والكراهية عند سماعهم القرآن دليل على عدم قدرتهم على الرد بالحجة ، وعدم قدرتهم أيضاً على الإيمان لذلك يتقلَّبون بين غيظ وكراهية . لذلك يخاطبهم بقوله : { قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } [ الحج : 72 ] يعني : مالي أراكم مغتاظين من آيات الله كارهين لها الآن ، والأمر ما يزال هيِّناً ؟ أمجرد سماع الآيات يفعل بكم هذا كلّه ؟ فما بالكم حينما تباشرون النار في الآخرة ، الغيظ الذي تظنونه شرّاً فتسطُون علينا بسببه أمر بسيط ، وهناك أشرّ منه ينتظركم { ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } [ الحج : 72 ] . وما أشبه هذا بموقف الصِّدِّيق أبي بكر حينما أوقف صناديد قريش بالباب ، وقدّم عليهم المستضعفين من المؤمنين ، فغضبوا لذلك وورِمَتْ أنوفهم ، فقال لهم : أَوَرِمتْ أنوفكم أنْ قدمتهم عليكم الآن ، فكيف بكم حين يُقدمهم الله عليكم في دخول الجنة ؟ وكلمة { وَعَدَهَا … } [ الحج : 72 ] الوعد دائماً يكون بالخير ، أما هنا فاستُعملَتْ على سبيل الاستهزاء بهم والتقليل من شأنهم ، كما قال في آية أخرى : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الانشقاق : 24 ] فساعةَ أن يسمع البُشْرى يستشرف للخير ، فيفاجئه العذاب ، فيكون أنكَى له . ومن ذلك أيضاً قوله تعالى : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ … } [ الكهف : 29 ] لأن انقباض النفس ويأسها بعد بوادر الانبساط أشدّ من العذاب ذاته . وقوله : { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ الحج : 72 ] أي : ساءت نهايتكم ومرجعكم .