Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 112-112)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لبث : مكث وأقام ، فالمعنى : ما عدد السنين التي ظللتموها في الأرض ، لكن لماذا هذا السؤال ؟ قالوا : لأن الذي شغلكم عن دين يضمن لكم ميعاداً خالداً ، ونعيماً باقياً هو الدنيا التي صرفتكم بزينتها وزخرفها وشهواتها - وعلى فرض أنكم تمتعتم بهذا في الدنيا - فهل يُقارن بما أُعِدَّ للمؤمنين في الآخرة من النعيم المقيم الذي لا يفوتهم ولا يفوتونه ؟ والقيامة حين تقوم ستقوم على قوم ماتوا في ساعتها ، فيكون لبثهم قريباً ، وعلى أناس ماتوا من أيام آدم فيكون لبثهم طويلاً ، إذن : فاللبث في الأرض مقول بالتشكيك كما يقولون ، لكن هل يدرك الأموات المدة التي لبثوها في الأرض ؟ معلوم أنهم لا يدركون الزمن لأن إدراك الزمن إنما يتأتَّى بمشاهدة الأحداث ، فالميت لا يشعر بالزمن لأنه لا يعيش أحداثاً ، كالنائم لا يدري المدة التي نامها ، وكُلُّ مَنْ سُئِلَ هذا السؤال قال { يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ … } [ البقرة : 259 ] . قالها العُزَير الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه ، وقالها أهل الكهف الذين أنامهم الله ثلاثمائة سنة وتسعاً لأن هذه هي أطول مدة يمكن أن يتخيلها الإنسان لنومه ، ولا يستطيع النائم تحديد ذلك بدقة لأن الزمن ابْنُ الحدث ، فإنِ انعدم الحدث انعدم الزمن . لذلك يقول تعالى عَمَّنْ ماتوا حتى من أيام آدم عليه السلام : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [ النازعات : 46 ] . وكذلك يقول هؤلاء أيضاً في الإجابة على هذا السؤال : { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ … } .