Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 72-72)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخَرْج : ما يخرج منك طواعية ، أما الخراج فهو ما يخرج منك رغماً عنك ، والزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى ، فالخراج أبلغ من الخَرْج . والمراد بقوله تعالى : { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ … } [ المؤمنون : 72 ] إنْ كنتَ تريد خَرْجاً فلا تأخذه من أيديهم ، إنما خُذْه من ربك ، فما عندهم ليس خَرْجاً بل خراج { فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ … } [ المؤمنون : 72 ] . فلا تأخذ الرزق إلا من يد الخير والبركة لأن الحق سبحانه لا يمنُّ على خَلْقه برزق يرزقهم به ، فهو سبحانه قد استدعاهم إلى الحياة لذلك تكفّل سبحانه بأرزاقهم ، كما لو دعوتَ صديقاً إلى طعام فإنك تُعِدُّ له ما يكفي عشرة ، فما بالك حينما يُعِدُّ لك ربك عز وجل ؟ ثم يُذيِّل الحق سبحانه الآية بقوله تعالى { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } [ المؤمنون : 72 ] وهذه أحدثتْ إشكالاً عند البعض لأن الحق سبحانه جعل لخَلْقه شراكة في صفة الرزق ، فغيره سبحانه يرزق أيضاً ، لكن هو خير الرازقين لأنه يرزق الخَلْق بأصول الأشياء التي يرزقون منها غيرهم ، فإنْ كنتَ ترزق غيرك مثلاً طعاماً فهو سبحانه أصل هذا الطعام ومصدره . هو سبحانه خالق التربة ، وخالق الماء ، وخالق الهواء ، وخالق البذرة ، وما عليك إلا أنْ أعملتَ عقلك ، واستخدمتَ الطاقات التي منحك الله إياها ، فأخرجتَ هذا الطعام ، فلو أنك جِئْتَ لأهلك بحاجيات المطبخ ولوازم المعيشة طوال الشهر من دقيق وسمن وأرز وسكر … إلخ وقامت زوجتُك وقامت زوجتُك بإعداد الطعام أتقول : إن الزوجة هي التي جاءت بالطعام ؟ لذلك يقول العلماء وأهل المعرفة : نَزِّهوا ألسنتكم عن قول : فلان رازق ، ودَعُوها لقول الله تعالى لأنه سبحانه هو خالق الرزق ، وواجد أصوله ، وما أنت إلا مُنَاول للغير . وتلحظ أنه تعالى أضاف الخَراج إلى الربوبية التي تفيد الرعاية والعناية والتربية ، فما دام الخراجُ خراجَ ربك يا محمد ، فهو خراج كثير وعطاء لا ينفد .