Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 83-83)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أتظنون أن الله تعالى إذا وعدكم بالموت ثم بالبعث أن هذا سيكون في الدنيا ؟ لذلك تقولون : وُعِدْنا بهذا من قبل ولم يحدث ، وقد مات مِنّا كثيرون ولم يعودوا ولم يُبعَثُوا ، فَمَنْ قال لكم إنكم ستموتون اليوم وتُبعثون غداً ؟ البعث لا يكون إلا بعد أن يموت جميع الخَلْق ، ثم يُبعثوا كلهم مرة واحدة . إذن : هذا الكلام منهم مجرد سفسطة وجدل لا معنى له . وكلمة { وُعِدْنَا … } [ المؤمنون : 83 ] يعني بالبعث ، والوعد عادة يكون بالخير ، كما أن الوعيد يكون بالشر ، كما جاء في قول الشاعر : @ وإنِّي إذَا أَوْعدتُه أَوْ وَعدتُه لَمخِلفُ إيعَادِي ومُنجِزُ موْعِدي @@ يعني : هو رجل كريم يترك الشر الذي توعّد به ، ويفعل الخير الذي وعد به ، وإن قال العلماء : قد يستعمل هذا مكان هذا . لكن ، هل الوعد للكفار بالبعث وما يتبعه من عذاب وعقاب يُعَدُّ وَعْداً ؟ قالوا : نعم يعد هذا الشر وهذا العذاب الذي ينتظر وَعْداً بالخير لأنه يُنبههم ويَلفتهم إلى خطورته حتى لا يقعوا فيه إذن : هو خير لهم الآن حيث يُحذِّرهم كما تحذر ولدك من الرسوب إنْ أهمل في دروسه . ومن ذلك أيضاً في هذه المسألة ما أشرنا إليه من تكرار قوله تعالى : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 13 ] في سورة الرحمن ، وأنها جاءت بعد ذِكْر نعم الله على سبيل التوبيخ لمَنْ أنكر هذه النعم أو كذَّب بها ، وتكررت مع كل نعمة تأكيداً لهذا التوبيخ ، لكن العجيب أن تذكر هذه الآية حتى بعد النقم أيضاً ، كما في قوله تعالى : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 35 - 36 ] . وهل في النار والشُّواظ نعمة ؟ نقول : نعم فيها نعمة لأنها نصيحة لك قبل أن تقع في هذا المصير وتحذير لك في وقت التدارك حتى تراجع نفسك . وقولهم : { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ المؤمنون : 83 ] { إِنْ هَـٰذَآ … } [ المؤمنون : 83 ] يعني : ما هذا . وأساطير جمع أسطورة مثل : أعاجيب وأعجوبة ، وهناك مَنْ يقول : إن أساطير جمع سطر أسطار أساطير مثل شكل وأشكال ، فهي جَمْع للجمع . وسواء أكانت جَمْع أسطورة أو جمع سطر ، فالمعنى لا يختلف لأن الشيء المسطور قد يعتبره الناس خرافة وكلاماً لا معنى له . والأساطير هي الكلام المكذوب الذي لا أصلَ له ، فلا يُسمَّى الكلام أسطورة إلا إذا جاء وقته ولم يحدث ، فلَكَ أن تقول أساطير إنما البعث الذي تقولون عنه { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ المؤمنون : 83 ] لم يأت وقته بعد ، فلم يمت جميع الخَلْق حتى يُبعثوا ، فقد أخطأتم التوقيت وظننتم أنكم في الدنيا تموتون وتبعثون هكذا على رؤوس الأشهاد ، والناس ما زالت في سعة الدنيا . إذن : ليس البعث كما تقولون ، بل هو حق ، ولكنكم لم تضعوا له الكلمة المناسبة لذلك يوجه إليهم هذه الأسئلة التقريرية التي تقيم عليهم الحجة : { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ … } .