Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 19-19)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يُحِبُّونَ … } [ النور : 19 ] الحب عمل قلبي ، والكلام عمل لساني ، وترجمة عملية لما في القلب ، فالمعنى : الذين يحبون هذا ولو لم يتكلَّموا به لأن لهذه المسألة مراحل تبدأ بالحب وهو عمل القلب ، ثم التحدث ، ثم السماع دون إنكار . ولفظاعة هذه الجريمة ذكر الحق سبحانه المرحلة الأولى منها ، وهي مجرد عمل القلب الذي لم يتحول إلى نزوع وعمل وكلام إذن : المسألة خطيرة . والبعض يظن أن إشاعة الفاحشة فضيحة للمتهم وحده ، نعم هي للمتهم ، لكن قد تنتهي بحياته ، وقد تنتهي ببراءته ، لكن المصيبة أنها ستكون أُسْوة سيئة في المجتمع . وهذا توجيه من الحق - سبحانه وتعالى - إلى قضية عامة وقاعدة يجب أن تُرَاعى ، وهي : حين تسمع خبراً يخدش الحياءَ أو يتناول الأعراض أو يخدش حكماً من أحكام الله ، فإياك أنْ تشيعه في الناس لأن الإشاعة إيجاد أُسْوة سلوكية عند السامع لمن يريد أن يفعل ، فيقول في نفسه : فلان فعل كذا ، وفلان فعل كذا ، ويتجرأ هو أيضاً على مثل هذا الفعل ، لذلك توعد الله تعالى مَنْ يشيع الفاحشة وينشرها ويذيعها بين الناس { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ … } [ النور : 19 ] . والحق - تبارك وتعالى - لم يعصم أحداً من المعصية وعمل السيئة ، لكن الأَسْوء من السيئة إشاعتها بين الناس ، وقد تكون الإشاعة في حق رجل محترم مُهَابٍ في مجتمعه مسموع الكلمة وله مكانة ، فإنْ سمعت في حَقِّه مَا لا يليق فلربما زهّدك ما سمعتَ في هذا الشخص ، وزهَّدك في حسناته وإيجابياته فكأنك حرمتَ المجتمع من حسنات هذا الرجل . وهذه المسألة هي التعليل الذي يستر الله به غَيْب الخَلْق عن الخَلْق ، إذن : سَتْر غيب الناس عن الناس نعمة كبيرة تُثري الخير في المجتمع وتُنميه ، ويجعلك تتعامل مع الآخرين ، وتنتفع بهم على عِلاَّتهم ، وصدق الشاعر الذي قال : @ فَخُذْ بِعلْمي ولاَ تركَنْ إلىَ عَمِلي وَاجْنِ الثمارَ وخَلِّ العُودَ للنَّارِ @@ ثم يقول الحق سبحانه : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ … } .