Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 40-40)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه المشاهد لم تكن مجرد تاريخ يحكيه القرآن ، إنما مشاهد ومَرَاءٍ رآها كفار مكة في رحلة الصيف يمرون على هذه الديار ، كما قال سبحانه في موضع آخر : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 - 138 ] إذن : فهذا التاريخ له واقع يسانده ، وآثار تدل عليه . والقرية التي أُمطرتْ مطر السَّوْء هي سدوم قرية قوم لوط { أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا … } [ الفرقان : 40 ] ألم يشاهدوها في أسفارهم . { بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } [ الفرقان : 40 ] كلمة بَلْ للإضراب ، فهي تنفي ما قبلها ، وتُثبِت ما بعدها ، فالمعنى : أنهم مَرُّوا عليها وشاهدوها ، ويَعْرفونها تمام المعرفة ، لكنهم لا يرجُونَ نُشُوراً يعني : لا ينتظرون البعث ، ولا يؤمنون به ، ولا يعترفون بالوقوف بين يدي الله للحساب ، ألم يقولوا : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ المؤمنون : 82 ] . وعجيبٌ ألاَّ يؤمنَ هؤلاء بالبعْث والحساب ، وهم أنفسهم كانوا إذا رأَوْا ظالماً وقفوا في وجهه ومنعوه من الظلم ، كما كان في حِلْف الفضول مثلاً ، فيأخذون الظالم ويعاقبونه حتى يرجع عن ظُلْمه ، ثم يردُّون للمظلوم حَقّه ، لكن ألم ينظروا في حال الظالمين الذين مرُّوا في الدنيا دون عقاب ، ودون قصاص ؟ أليس من العدل أن تكون لهم دَارٌ أخرى يُحاسبون فيها ؟ لذلك كنا نردُّ على الشيوعيين بهذه المسألة ، نقول لهم : لقد عذبتُمْ أعداءكم من الإقطاعيين والرأسماليين ، وانتقمتُم منهم فما بال الذين سبقوكم ولم تدركوهم ؟ أليس من العدل أنْ تعترفوا بيوم جامع يُحاسب فيه هؤلاء ؟ ولما قال القائل : لن يموت ظلوم حتى ينتقم الله منه ، قالوا له : إن فلاناً الظالم قد مات ، ولم نَرَ فيه شيئاً ، فقال : إن وراء هذه الدار داراً يُجازي فيها المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته . وبعد أن عرض الحق - تبارك وتعالى - بعض النماذج من موكب النبوات تسليةً لرسوله صلى الله عليه وسلم يُبيِّن أن الأمر مع هؤلاء الكفار لن يتوقف عند العِنَاد والتعنّت بمطالب سخيفة ، إنما يتعدَّى ذلك إلى محاولة الاستهزاء به والسخرية منه ، فقال سبحانه : { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً … } .