Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 109-109)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه العبارة { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ … } [ الشعراء : 109 ] لم نسمعها على لسان إبراهيم عليه السلام ، ولا على لسان موسى عليه السلام ، فأول مَنْ قالها نوح عليه السلام ، وكوْنك تقول لآخر : أنا لا أسألك أَجْراً على هذا العمل ، فهذا يعني أنك تستحق أجراً على هذا العمل ، وأنت غير زاهد في الأجر ، إنما إنْ أخذته من المنتفع بعملك ، فسوف يُقوِّمه لك بمقاييسه البشرية لذلك من الأفضل أن تأخذ أجرك من الله . فكأن نوحاً عليه السلام يقول : أنتم أيها البشر لا تستطيعون أن تُقوِّموا ما أقوم به من أجلكم لأنني جئتكم بمنهج هداية يُسعِدكم في الدنيا ، ويُنجيكم في الآخرة ، وأنتم لن تٌقوِّموا هذا العمل ، وأجري فيه على الله لأنكم تُعطون على قَدْر إمكاناتكم وعلمكم . وسبق إنْ حكيْنَا لكم قصة الرجل الذي قابلناه في الجزائر ، وكان رجلاً تبدو عليه علامات الصلاح ، وقد أشار لنا لنقف بسيارتنا ونحمله معنا ، فلما توقفنا ليركب معنا مالَ إلى السائق ، وقال على كم يعني : الأجرة فقال له الرجل ، وكان المحافظ : نُوصلك لله ، فقال غَلِّتها يا شيخ . نعم ، إنْ كان الأجر على الله فهو غَالٍ . وفي آية أخرى يقول تعالى : { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [ الطور : 40 ] . ثم يقول : { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 109 ] إنْ هنا بمعنى ما النافية لأنه تعالى القادر على أن يُكافئني على دعوتي ، فهو الذي أرسلني بها ، وهو سبحانه رب العالمين الذي تبرع بالخَلْق من عدم ، وبالإمداد من عدم ، وخلق لي ولكم الأرزاق ، وهذا كله لصالحكم لأنه سبحانه لا ينتفع من هذا بشيء . والربوبية تقتضي عناية ، وتقتضي نفقة وخلقاً وإمداداً ، فصاحب كل هذه الأفضال والنعم هو الذي يعطيني أجري .