Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبق أن تكلمنا عن الحروف المقطعة في أوائل السور ، وقلنا فَرْق بين اسم الحرف ومُسمّى الحرف ، مُسمّى الباء مثلاً : بَا أو بُو أو بِي أو إبْ في حالة السكون ، إنما اسمها : باءٌ مفتوحة ، أو مضمومة ، أو ساكنة ، لكن حين تنطق هذا الحرف في كَتَب - مثلاً - تقول : كَتَبَ فتنطق مُسمَّى الحرف لا اسمه . وقُلْنا : في هذه المسألة معانٍ كثيرة ، أيسرها : أن القرآن ، وهو كلام الله المعجز مُنزَّل من حروف مثل حروفكم التي تتكلمون بها ، وكلمات مثل التي في لغتكم ، لكن ما الذي جعله متميزاً بالإعجاز عن كلامكم ؟ نقول : لأنه كلام الله ، هذا هو الفَرْق ، أمّا الحروف فواحدة . ولو تأملتَ لوجدتَ أن الحروف المقطعة في أوائل السور مجموعها أربعة عشر حرفاً ، هي نصف الحروف الهجائية ، مرة يأتي حرف واحد ، ومرة حرفان ، ومرة ثلاثة أحرف ، ومرة أربعة أحرف ، ومرة خمسة أحرف . وهذا يدُّلنا على أن القرآن مُعْجِز ، مع أنه بنفس حروفكم ، وبنفس كلماتكم . وسبق أن ضربنا لتوضيح هذه المسألة مثلاً : هَبْ أنك أردت أن تختبر جماعة في إجادة النسج مثلاً ، فأعطيت أحدهم صوفاً ، وللثاني حريراً ، وللثالث قطناً ، وللرابع كتاناً ، فهل تستطيع أن تحكم على دِقَّة نَسْج كل منهم وأيهما أرقّ وأجمل ؟ بالطبع لا تستطيع لأن الحرير أنعم وأرقّ من القطن ، والقطن أرقّ من الصوف ، والصوف أرقّ من الكتان ، فإنْ أردتَ تمييز الدقة والمهارة في هذه الصنعة فعليك أنْ تُوحِّد النوع . إذن : سِرّ الإعجاز في القرآن أن تكون مادته ومادة غيره من الكلام واحدة ، حروفاً وكلمات لذلك كثيراً ما يقول الحق - تبارك وتعالى - بعد الحروف المقطعة : { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ … } .