Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 218-219)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : توكل على الذي يحبك ، ويُقدِّر عملك وعبادتك حين تقوم ، والمعنى تقوم له سبحانه بالليل والناس نيام { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } [ الشعراء : 219 ] ونفهم من ذلك أنه يصح أن تقوم وحدك بالليل . وقوله : { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } [ الشعراء : 218 ] يرى حالك في هذا القيام ، وما أنت عليه من الفرح ، وسرعة الاستجابة لنداء الله في قوله : الله أكبر ، يراك حين تقوم على حالة انشراح القلب والإقبال على الله والنشاط للعبادة ، لا على حال الكسل والتراخي . وإنْ أقبلتَ على الله أعطاك من الفُيوضات ما يُعوِّضك مكاسب الدنيا وتجارتها ، إنْ تركتها لإجابة النداء لذلك كان شعار الأذان الذي ارتضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر أي : أكبر من أيِّ شيء غيره ، فإنْ كنتَ في نوم ، فالله أكبر من النوم ، وإنْ كنتَ في تجارة ، فالله أكبر من التجارة ، وإنْ كنتَ في عمل فالله أكبر من العمل … إلخ . وعجيب أن نرى مَنْ يُقدِّم العمل على الصلاة بحجة امتداد الوقت ، وإمكانية الصلاة بعد انتهاء العمل ، وهذه حجة واهية لأن ربك حين يناديك الله أكبر يريد أن تستجيب على الفور لا على التراخي ، وإلا كيف تسمى الاستجابة للنداء إذا تأخرت عن وقتها ؟ فطول الوقت خاصة بين الصبح والظهر وبين العشاء والصبح لا يعني أنْ تصلي في طول هذا الوقت لأن النداء يقتضي الإسراع والاستجابة . ولنا ملحظ في الله أكبر فأكبر أفعل تفضيل تدلُّ على المبالغة ودون أكبر نقول : كبير ، وكأنها إشارة إلى أن العمل والسعي ليس شيئاً هيناً أو تافهاً ، إنماهو كبير ، ينبغي الاهتمام به لأنه عَصَب الحياة ، ولا تستقيم الأمور في عمارة الأرض إلا به . لكن ، إنْ كان العمل كبيراً فالله أكبر ، فربُّك - عز وجل - لا يُزهِّدك في العمل ، ولا يُزهِّدك في الدنيا لأنه خالقها على هذه الصورة وجاعل للعمل فيها دوراً ، وإنْ شئتَ فاقرأ : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ … } [ الجمعة : 10 ] . وقال في موضع آخر : { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا … } [ القصص : 77 ] لأن حركة الحياة هي التي تُعينك على أداء الصلاة وعلى عبادة الله ، فبها تقتات ، وبها تتقوَّى ، وبها تستر عورتك ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . ومع هذا فدعوة الله لك أَوْلَى بالتقديم ، وأَوْلَى بالإجابة لأن الذي خلقك وخلقها ناداك الله أكبر . و { وَتَقَلُّبَكَ … } [ الشعراء : 119 ] تعني : القعود والقيام والركوع والسجود ، فربُّك يراك في كل هذه الأحوال ، ويرى سرورك بمقامك بين يديه ، فإذا ما توكلتَ عليه فأنت تستحق أن يكون ربُّك عزيزاً رحيماً من أجلك . أو : أن المعنى { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } [ الشعراء : 119 ] أنه صلى الله عليه وسلم كان يرى صحابته وهم يُصلُّون خلفه ، فيرى مَنْ خلفه ، كما يرى مَنْ أمامه ، وكانت هذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم . لذلك كان يُحذِّرهم أنْ يسبقوه في الصلاة في ركوع أو سجود ، أو قيام أو قعود . ويحذرهم أنْ يفعلوا في الصلاة خلفه ما لا يصح من المصلى اعتماداً على أنه صلى الله عليه وسلم لا يراهم .