Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 52-52)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلنا : الوحي لغةً : إعلام بخفاء ، وشرعاً : إعلام من الله لرسول من رسله بمنهج خير لخَلْقه . ومن الوحي المطلق قوله تعالى : { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً … } [ النحل : 68 ] . وقوله سبحانه : { وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ … } [ الأنعام : 121 ] . وقوله تعالى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ … } [ القصص : 7 ] . فالوحي العام إذن لا نسأل عن الموحِي ، أو الموحَى إليه ، أو موضوع الوحي ، فقد يكون الوحي من الشيطان ، والموحَى إليه قد يكون الأرض أو الملائكة أو الحيوان ، على خلاف الوحي الشرعي ، فهو محدد ومعلوم . لقد قام فرعون بحملة دعاية لهذه المعركة مع موسى - عليه السلام - وحشد الناس لمشاهدة هذه المباراة ، وهذا دليل على أنه قدَّر أنه سيغَلِب ، لكن خيَّب الله ظنه ، وكانت الجولة لمصلحة موسى عليه السلام ، فآمن السحرة بالله تعالى رب موسى وهارون ، فأخذ يهددهم ويتوعدهم ، وهو يعلم أنَّ ما رأوْه من الآيات الباهرات يستوجب الإيمان . ومع ذلك لما غُلِب فرعون وضاعتْ هيبته وجباريته وقاهريته سكت جمهور الناس ، فلم ينادوا بسقوطه ، واكتفوا بسماع أخبار موسى ، وظل هذا الوضع لمدة طويلة من الزمن حدث فيها الآيات التسع التي أنزلها الله ببني إسرائيل . ومن غباء فرعون أن ينصرف عن موسى بعد أن أصبح له أتباع وأنصار ، ولم يحاول التخلص منه حتى لا يزداد أتباعه وتقوى شوكته ، فكأن مسألة الآيات التسع التي أرسلها الله عليهم قد هَدَّتْ كيانه وشغلته عن التفكير في آمر موسى عليه السلام . وهكذا استشرى أمر موسى وأصبحت له أغلبية وشعبية ، حتى إن الأقباط أتباع فرعون كانوا يعطفون على أمر موسى وقومه لذلك استعاروا من القبط حُليَّ النساء قبل الخروج مع موسى ، ومن هذه الحلي صنع السامري العجل الذي عبدوه فيما بعد . وهنا يقول تعالى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ } [ الشعراء : 52 ] وقبل ذلك نبَّهه ربه للخروج بعد أن قتل الرجل : { وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [ القصص : 20 ] . أما الآن ، فالمؤامرة عليه وعلى مَنْ معه من المؤمنين . ومعنى { أَسْرِ … } [ الشعراء : 52 ] الإسراء : المشي ليلاً { إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ } [ الشعراء : 52 ] يعني : سيتبعكم جنود فرعون ويسيرون خلفكم . ثم يقول الحق سبحانه : { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ … } .