Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 64-64)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : قرّبناهم من منتصف البحر ، ثم أطبقه الله عليهم حين أمر الماء أن يعود إلى سيولته وقانون استطراقه ، وهكذا يُنجِّي الله ويُهلِك بالشيء الواحد و { ٱلآخَرِينَ } [ الشعراء : 64 ] يعني : قوم فرعون ، و { ثَمَّ … } [ الشعراء : 64 ] أي : هناك وسط البحر . وللعصا مع موسى - عليه السلام - تاريخ طويل منذ أن سأله ربه { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [ طه : 17 ] فأخبر بما يعرفه عنها { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي … } [ طه : 18 ] . وقوله { وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي … } [ طه : 18 ] لا تعني كما يظن البعض أنها مجرد الإشارة بها إلى الغنم أو ضربها ، فأهشُّ تعني أضرب بها أوراقَ الشجر لتتساقط ، فتأكلها الأغنام الصغار التي لا تطول أوراقَ الشجر ، أو الكبار التي أكلتْ ما طالته أعناقها وتحتاج المزيد . ولما وجد موسى نفسه قد أطال في هذا المقام قال { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [ طه : 18 ] كأنْ أدافع بها عن نفسي ليلاً ، إنْ تعرَّض لي كلب أو ذئب مثلاً ، أو أغرسها في الأرض وأُلقي عليها بثوبي لأستظلَّ به وقت القيلولة ، أو أجعلها على كتفي وأُعلِّق عليها متاعي حين أسير … الخ . هذه مهمة العصا كما يراها موسى - عليه السلام - لكن للعصا مهمة أخرى لا يعلمها ، فهي حُجّته وآية من الآيات التي أعطاه الله ، فبها انتصر في معركة الحجة مع السَّحَرة ، وبها انتصر في معركة السلاح حين ضرب بها البحر فانفلق . ومن العجيب في أمر العصا أن يضرب بها البحر ، فيصر جبلاً ، ويضرب بها الحجر فينفجر بالماء ، وهذه آيات باهرات لا يقدر عليها إلا الله عز وجل . لذلك جعلوا عصا موسى حجة ودليلاً وعَلَماً على الانتصار في كل شيء ، فلما كان الخصيب والياً على مصر ، وتمرد عليه بعض قُطَّاع الطرق ، وكانت لديه القوة التي قهرهم بها ، لذلك قال : @ فَإِنْ يَكُ بَاقٍ إِفْكُ فِرْعوْنَ فيكُمْ فَإنَّ عَصَا مُوسَى بكَفِّ خَصِيبِ @@ وفي هذا المعنى يقول شاعر آخر : @ إذَا جَاءَ مُوسَى وأَلْقَى العَصَا فَقَدْ بَطُلَ السِّحْرُ والسَّاحِرُ @@ إذن : صارتْ عصا موسى عليه السلام مثَلاً وعَلَماً للغَلبة في أيِّ مجال من مجالات الحياة .