Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 42-42)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جاء السؤال بهذه الصيغة { أَهَكَذَا عَرْشُكِ … } [ النمل : 42 ] ليُعمِّي عليها أمر العرش ، وليختبر دقة ملاحظتها ، فلو قال لها : أهذا عرشك ؟ لكان إيحاءً لها بالجواب إنما { أَهَكَذَا عَرْشُكِ … } [ النمل : 42 ] كأنه يقول : ليس هذا عرشك ، فلما نظرتْ إليه اجمالاً عرفتْ أنه عرشها ، فلما رأتْ ما فيه من تغيير وتنكير ظنتْ أنه غيره لذلك اختارتْ جواباً دبلوماسياً يحتمل هذه وهذه ، فقالت { كَأَنَّهُ هُوَ … } [ النمل : 42 ] وعندها فهم سليمان أنها على قَدْر كبير من الذكاء والفِطْنة وحصافة الرأي . وكذلك كلام السَّاسَة والدبلوماسيين تجده كلاماً يصلح لكل الاحتمالات ولأيِّ واقع بعده ، فإذا جاء الأمر على خلاف ما قال لك يسبقك بالقول : ألم أَقُلْ لك كذا وكذا . ومن ذلك ما قاله معاوية بن أبي سفيان للأحنف بن قيس : يا أحنف لماذا لا تسبّ علياً على المنبر كما يسبّه الناس ؟ فقال الأحنف : اعفني يا أمير المؤمنين ، فقال معاوية : عزمتُ عليك إلاَّ فعلْتَ ، فقال : أما وقد عزمت عليَّ فسأصعد المنبر ، ولكني سأقول للناس : إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أنْ ألعنَ علياً ، فقولوا معي : لعنه الله . عندها قال معاوية : لا يا أحنفُ ، لا تقل شيئاً . لماذا ؟ لأن اللعن في هذه الحالة سيعود على مَنْ ؟ على معاوية أو عَلَى عَلِيّ ؟ وتُحكَى قصة الخيّاط الأعور الذي خاط لأحد الشعراء جُبَّة فجاءت وأَحَد الكُمَّيْن أطول من الآخر ، فلم يستطع لبسها ، فلما سألوه عن عدم لُبْس الجبة الجديدة أخبرهم بما حدث من الخياط فقالوا : اُهْجه ، فقال : @ قُلْت شِعْراً لَيْس يُدْرَى أَمديحٌ أَمْ هِجَاءُ خَاطَ لِي عَمْرو قُباء لَيْتَ عينيه سَوَاءُ @@ فالكلام يحتمل المعنيين : الدعاء له ، والدعاء عليه . هذا هو الرد الدبلوماسي الذي يهرب به صاحبه من المواجهة . وكذلك قالتْ بلقيس جواباً دبلوماسياً { كَأَنَّهُ هُوَ … } [ النمل : 42 ] أما { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } [ النمل : 42 ] فيحتمل أنْ يكون امتداداً لقوْل بلقيس ، يعني : أوتينا العلم من قبل هذه الحادثة ، وعرفنا أنك نبيّ لما رددتَ إلينا الهدية ، وقلت ما قلت ، فلم نكُنْ في حاجة إلى مثل هذه الحادثة لنعلم نُبوّتك . ويُحتمل أنها من كلام سليمان عليه السلام .