Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 50-50)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى { وَمَكَرُواْ مَكْراً … } [ النمل : 50 ] أي : ما دبّروه لقتل نبي الله ورسوله إليهم { وَمَكَرْنَا مَكْراً … } [ النمل : 50 ] وفَرْق بين مكر الله عز وجل { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] وبين مكْر الكافرين { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ … } [ فاطر : 43 ] . إذن : حين تمكر بخير ، فلا يُعَدُّ مكْراً ، إنما إبطال لمكْر العدو ، فلا يجوز لك أنْ تتركه يُدبِّر لك ويمكُر بك ، وأنت لا تتحرك لذلك قال تعالى { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ الأنفال : 30 ] لأنهم يمكرون بشرٍّ ، ونحن نمكر لدفع هذا الشر لِنُصْرة رسولنا ، ونجاته من تدبيركم . والمكْر : مأخوذ من قولهم : شجرة ممكورة ، وهذا في الشجر رفيع السَّاق المتسلق حين تلتفُّ سيقانه وأغصانه ، بعضها على بعض ، فلا تستطيع أن تُميِّزها من بعضها ، فكُلٌّ منها ممكور في الآخر مستتر فيه ، وكذلك المكر أن تصنع شيئاً تداريه عن الخصم . وقوله تعالى : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ النمل : 50 ] أي : أنه مكْر محبوك ومحكم ، بحيث لا يدري به الممكور به ، وإلا لا يكون مَكْراً . وحين نتأمل : { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ … } [ فاطر : 43 ] و { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] نعلم أن المكر لا يُمدح ولا يُذَمُّ لذاته ، إنما بالغاية من ورائه ، كما في قوله تعالى عن الظن : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ … } [ الحجرات : 12 ] فالظن منه الخيِّر ومنه السيىء . ونسمع الآن تعبيراً جديداً يعبر عما يدور في المجتمع من انتشار المكر وسوء الظن ، يقولون : الصراحة مكر القرن العشرين ، فالذي يمكر بالناس يظن أنهم جميعاً ماكرون فلا يصدق كلامهم ، ويحتاط له حتى إنْ كان صدقاً ، فأصبح المكر وسوء الظن هو القاعدة ، فإنْ صارحتَ الماكر لا يُصدقك ويقول في نفسه : إنه يُعمى عليَّ أو يُضلِّلني .