Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 89-89)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لهذه الآية صلة لطيفة بما قبلها : فكما أن الآيات الكونية التي أخبر بها الحق - تبارك وتعالى - حقيقة واقعة ، وتأكدتَ أنت من صِدْقها حيث شاهدتها بنفسك وأدركتها بحواسك ، فكما أخبرناك بهذه الآيات نُخبرك الآن بحقيقة أخرى ينبغي أن تصدقها ، وأن تأخذ من صدْق ما شاهدتَ دليلاً على صِدْق ما غاب عنك ، فربُّك يُخبِرك بأنه { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا … } [ النمل : 89 ] . الحسنة : فعل الانفعال فيه يكون لمطلوب الله في العبادة ، فإن فعلتَ الفعل على مراد الله تعالى كانت لك حسنة ، والحسنة عند الله بعشر أمثالها ، وتضاعف إلى سبعمائة ضِعْف على مقدار طاقة الفاعل من الإخلاص والتجرُّد لله في فعله . والمعنى : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ … } [ النمل : 89 ] أي : في الدنيا { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا … } [ النمل : 89 ] أي : ناشىء عنها في الآخرة . ونسمع من البعض مَنْ يقول : إذا كان قولنا : لا إله إلا الله حسنة فالثواب عليها خَيْر منها . وهذا القول ناتج عن فَهْم غير دقيق لمعنى الآية لأن الله تعالى الذي أُقر به في الشهادة هو الذي يهبني هذا الثواب ، فمَنْ جاء بالحسنة له خير ناشىء من هذه الحسنة ومُسبّب عنها . كما لو قلت : مأمور المركز خير من وزير الداخلية : أي خَيْر جاءنا من ناحيته ، ووصل إلينا من طرفه ، أليس هو صاحب قرار تعيينه ؟ ومن ذلك ما يقوله أصحاب الطريق والمجاذيب يقولون : محمد خير من ربه ، وفي مثل هذه الأقوال لعب بأفكار الناس وإثارة لمشاعرهم ، وربما تعرض للإيذاء ، فكيف يقول هذه الكلمة ومحمد مُرْسَل من عند الله ؟ وحين تُمعِن النظر في العبارة تجدها صحيحة ، فمراد الرجل أن محمداً خير جاءنا من عند الله . أو : يكون المعنى { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا … } [ النمل : 89 ] أن الجزاء على الحسنة خير من الحسنة لأنك تفعل الحسنة فِعْلاً موقوتاً ، أمّا خيرها والثواب عليها ، فسيظل لك خالداً بلا نهاية . ثم يقول الحق سبحانه : { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ … } .