Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 29-29)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ … } [ القصص : 29 ] أي : الذي اتفق عليه مع شعيب عليه السلام { وَسَارَ بِأَهْلِهِ … } [ القصص : 29 ] قلنا : إن الأهل تُطلق على الزوجة ، وفي لغتنا العامية نقول : معي أهلي أو الجماعة ونقصد الزوجة ذلك لأن الزوجة تقضي لزوجها من المصالح ما لا يقدر عليه إلا جماعة ، بل وتزيد على الجماعة بشيء خاص لا يؤديه عنها غيرها ، وهو مسألة المعاشرة لذلك حَلَّتْ محلَّ جماعة . ومعنى { آنَسَ … } [ القصص : 29 ] يعني : أبصر ورأى أو أحسَّ بشيء من الأُنْس ، { ٱلطُّورِ … } [ القصص : 29 ] اسم الجبل { قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ … } [ القصص : 29 ] انتظروا { إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً … } [ القصص : 29 ] يخبرها بوجود النار ، وهذا يعني أنها لم تَرَها كما رآها هو . وهذا دليل على أنها ليست ناراً مادية يُوقِدها بشر ، وإلا لاستوى أهله معه في رؤيتها ، فهذا - إذن - أمر خاص به { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ … } [ القصص : 29 ] يعني : رجاءَ أنْ أجد مَنْ يخبرنا عن الطريق ، ويهدينا إلى أين نتوجه { أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } [ القصص : 29 ] . الجذوة : قطعة من نار متوهجة ليس لها لَهَب ، ومعنى تصطلون أي : تستدفئون بها ، وفي موضع آخر قال : { بِشِهَابٍ قَبَسٍ … } [ النمل : 7 ] يعني : شعلة لها لسان ولهب ، فمأربهم - إذن - على هذه الحال أمران : مَنْ يخبرهم بالطريق حيث تاهَتْ بهم الخُطَى في مكان لا يعرفونه ، ثم جذوة نار يستدفئون بها من البرد . وفي موضع آخر لهذه القصة لم يذكر قوله تعالى : { ٱمْكُثُوۤاْ … } [ القصص : 29 ] وهذا من المآخذ التي يأخذها السطحيون على أسلوب القرآن ، لكن بتأمل الموقف نرى أنه أخذ صورة المحاورة بين موسى وأهله . فزوجة وزوجها ضَمَّهما الظلام في مكان موحش ، لا يعرفون به شيئاً ، ولا يهتدون إلى طريق ، والجو شديد البرودة ، فمن الطبيعي حين يقول لها : إني رأيت ناراً سأذهب لأقتبس منها أن تقول له : كيف تتركني وحدي في هذا المكان ؟ فربما تضلّ أنت أو أضلّ أنا ، فيقول لها { ٱمْكُثُوۤاْ … } [ القصص : 29 ] إذن : لابُدَّ أن هذه العبارة تكررتْ على صيغتين كما حكاها القرآن الكريم . كذلك في : { سَآتِيكُمْ … } [ النمل : 7 ] وفي مرة أخرى { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ … } [ القصص : 29 ] قالوا : لأنه لما رأى النار قال : { سَآتِيكُمْ … } [ النمل : 7 ] على وجه اليقين ، لكن لما راجع نفسه ، فربما طفئت قبل أن يصل إليها استدراك ، فقال { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ … } [ القصص : 29 ] على سبيل رجاء غير المتيقن . { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي … } .