Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 3-3)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق - سبحانه وتعالى - يُسلِّي السابقين من أمة محمد الذين عُذِّبوا وأوذوا ، وضُرِبوا بالسياط تحت حَرِّ الشمس ، ووُضِعت الحجارة الثقال على بطونهم ، والذين جاعوا حتى أكلوا الميتة وأوراق الشجرة يُسلِّيهم : لَسْتم بدعاً في هذه الابتلاءات فاصمدوا لها كما صمد السابقون من المؤمنين . { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ … } [ العنكبوت : 3 ] فانظر مثلاً إلى ابتلاء بني إسرائيل مع فرعون ، إذن فابتلاؤكم أهونِ وأخفّ ، وفيه رحمة من الله بكم وأنتم أيسر منهم { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } [ العنكبوت : 3 ] . ولك أن تقول : ألم يكُن الله تعالى يعلم حقيقتهم قبل أنْ يبتليهم ؟ بلى ، يعلم سبحانه حقيقةَ عباده ، وليس الهدف من اختبارهم العلم بحقيقتهم ، إنما الهدف أنْ يُقر العبد بما عُلِم عنه . ومثال ذلك - ولله المثل الأعلى - حينما نقول للمدرس مثلاً : اعْطِنا نتيجة هؤلاء التلاميذ ، فليس في الوقت سعة للامتحان فيقول من واقع خبرته بهم : هذا ناجح ، وهذا راسب ، وهذا الأول ، وهذا كذا . عندها يقوم الراسب ويقول : لو اختبرتني لكنت ناجحاً ، ولو اختبره معلِّمه لرسب فعلاً . إذن : فربنا - عز وجل - يختبر عباده ليُقر كل منهم بما عُلم عنه . { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } [ العنكبوت : 3 ] عِلْم ظهور وإقرار من صاحب الشأن نفسه ، بحيث لا يستطيع إنكاراً ، حيث سيشهد هو على نفسه حين تشهد عليه جوارحه .