Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 123-123)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لقد نقلهم من معركة فيها شبه هزيمة أو عدم انتصار إلى نصر ، فكأنه يريد أن يقول : إن الأمر بالنسبة لكم أمر إلهكم الذي يرقبكم ويعينكم ويمدكم ويرعاكم . وإياكم ان تعتمدوا على العدد والعُدة ولكن اعتمدوا على الحق سبحانه وتعالى وعلى ما يريده الحق توجيها لكم ، لأن مدد الله إنما يأتي لُمستَقْبل لمدد الله ، ولا يأتي المدد لغير مستقبل لمدد الله . ونعرف أن فيه فرقاً بين الفاعل وبين القابل ، فالفاعل شيء والقابل للانفعال بالفعل شيء آخر . وضربنا لذلك مثلاً : بأن الفاعل قد يكون واحداً ، ولكن الانفعال يختلف ، وحتى نقرب المسألة نقول : كوب الشاي تأتي لتشرب منه فتجده ساخناً فتنفخ فيه ليبرد ، وفي الشتاء تصبح لتجد يدك باردة فتنفخ فيها لتدفأ ، إنك تنفخ مرة لتبرد كوب الشاي ، ومرة تنفخ لتدفئ يدك ، إذن فالفاعل واحد وهو النافخ ، ولكن القابل للانفعال شيء آخر ، ففيه فاعل وفيه قابل ، ومثال آخر : إن القرآن كلام الله ولو أنه نزل على الجبال لخرّت خاشعة ، ومع ذلك يسمعه أناس ، لا يستر الله عليهم بل يكشفهم لنا ويفضحهم بعظمة ألوهيته : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } [ محمد : 16 ] . إنهم لم ينفعلوا بالقرآن ، وقولهم : " ماذا قال آنفاً " معناه استهتار بما قيل . ونجد الحق يرد على ذلك بقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } [ محمد : 16 ] . إن الفاعل واحد والقابل مختلف . ويتابع الحق بلاغه الحكيم في قوله : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ آل عمران : 123 ] . إذن فمدد الله لكم إنما يتأتى لمستقبلٍ إيماني ، فان لم يوجد المستقبل - بكسر الباء - فلا يوجد المدد . فاذا كنت لا تستطيع ان تستقبل ما ترسله السماء من مدد نقول لك : أصلح جهاز استقبالك لأن جهاز الاستقبال كالمذياع الفاسد ، إن الإرسال من الإذاعات مستمر ، لكن المذياع الفاسد هو الذي لا يستقبل . إذن فإن كنت تريد أن تستقبل عن الله فلا بد أن يكون جهاز استقبالك سليماً . ويوضح الحق ذلك بقوله جل جلاله : { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ … } .