Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 163-163)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُمْ دَرَجَاتٌ } [ آل عمران : 163 ] أي ينزلون في الآخرة منازل على قدر أعمالهم ، فكما ترى الدرجات موصلة إلى المراقي العالية كذلك في الآخرة كل إنسان مُحاسب بعمله ، ويأخذ عليه درجة ، ولنا أن نلحظ أن الحق يستخدم كلمة " درجات " بالنسبة للجنة لأن فيها منازل ورتباً ، أما فيما يتعلق بالنار ، فيأتي لفظ " دركات " ، فالدركة تنزل ، والدرجة ترفع . { هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 163 ] فالله هو العادل الذي ينظر لخلقه جميعاً على أنهم خلقه ، فلا يعادي أحداً ، إنه يحكم القضية في هذه المسألة سواء أكانت لهم أم كانت عليهم ، وبعد ذلك يردفها - سبحانه بقوله : { وٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 163 ] ليطمئن هؤلاء على أن الله بصير بما يعملون فلن يضيع عنده عمل حسن ، ولن تهدر عنده سيئة بدرت منهم . { وٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 163 ] . ونحن نسمع كلمة " يعمل " وكلمة " يفعل " وكلمة " يقول " ، والعمل أهم الأحداث ، لأن العمل هو تعلق الجارحة بما نيطت به ، فالقلب جارحة عملها النية ، واللسان جارحة عملها القول ، والأذن جارحة وعملها الاستماع ، والعين جارحة وعملها أن تنظر . إذن فكل جارحة من الجوارح لها حدث تُنشِئه لتؤدي مهمتها في الكائن الإنساني ، إذن فكل أداءِ مُهِمّة من جارحة يقال له : " عمل " . لكن " الفعل " هو تعلق كل جارحة غير اللسان بالحدث ، أما تعلق اللسان فيكون قولاً ومقابله فعل ، إذن ففيه قول وفيه فعل وكلاهما " عمل " إذن فالعمل يشمل ويضم القول والفعل معاً لأن العمل هو شغل الجارحة بالحدث المطلوب منها ، لكن الفعل هو : شغل جارحة غير اللسان بالعمل المطلوب منها ، وشغل اللسان بمهمته يسمى : قولاً ولا يسمى فعلاً ، لماذا ؟ لأن الإنسان يتكلم كثيراً ، لكن أن يحمل نفسه على أن يعمل ما يتكلمه فهذه عملية أخرى ، ولذلك يقول الحق : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } [ الصف : 2 - 3 ] . إذن فالقول مقابله الفعل ، والكل عمل { وٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 163 ] قولاً أو فعلاً وبعد ذلك يقول الحق سبحانه : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ … } .