Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 25-25)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إن كذبهم سينكشف في هذا اليوم ، فالفاضحة قد جاءت ، والفاضحة هي القيامة ، إنها تفضح كل كذاب وكل غشاش وكل داعية بغير حق . إن الحق يتساءل : كيف يصنعون ذلك كله في الحياة التي جعلنا لهم فيها اختياراً ، فيفعلون ما يريدون ، ولا يفعلون ما لا يريدون ، يحدث منهم كل ذلك وهم يعلمون أن الحق قد جعل الثواب لمن اتبع تكاليف الله ، وجعل العقاب لمن يخرج عن مراد الله ، كيف يتصرفون عندما يسلب الحق منهم الاختيار ويجئ يوم القيامة . لقد كانوا في الدنيا يملكون عطاء الله من قدرة الاختيار بين البديلات ، وركز الله لهم في بنائهم أن كل جوارحهم خاضعة لإرادتهم كبشر من خلق الله ، فمنهم من يستطيع ان يستخدم جوارحه فيما يرضى الله ، وفيهم من يستخدم جوارحه المسخرة له - بفضل الله - فيما لا يرضى الله ، إن الجوارح كما نعلم جميعاً خاضعة لإرادة الإنسان ، وإرادة الإنسان هي التي تختار بين البديلات ، لكن ماذا يفعل هؤلاء يوم القيامة ؟ إن الجوارح التي كانت تطيع الخارجين عن منهج الله في الفعل لا تطيعهم في هذا اليوم العظيم لأن الطاعة اختيار أن تفعل وتطيع ، والجوارح يوم القيامة لا تكون مقهورة لإرادة الإنسان ، إن الجوارح يوم القيامة تنحل عنها صفة القهر والتسخير لمراد الإنسان ، وتصير الجوارح على طبيعتها : { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } [ النور : 24 - 25 ] . إن اللسان كان أداة إعلان الكفر ، وهو يوم القيامة يشهد على الكافر ، واليد كانت أداة معصية الله ، وهي يوم القيامة تشهد على صاحبها ، والجلود تشهد أيضاً ، لقد كانت الجوارح خاضعة لإرادة أصحابها ، وتفعل ما يريدونها أن تفعل ، ولكنها كانت تفعل الفعل العاصي لله وهي كارهة لهذا الفعل لذلك يقول الحق : { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ آل عمران : 25 ] . كيف يكون حالهم يوم يجمعهم الله للجزاء في يوم لا ريب فيه ولا شك في مجيئه … وهذا اليوم قادم لا محالة لقيام الأدلة على وجوده ، رغم خصومتهم لله فإن الله العادل الحق لا يظلمهم بل سيأخذهم بمقاييس العدل .