Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 158-159)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كلمة الجِنة بالكسر وكذلك الجنة بالفتح ومنها الجن ومجنون كلها مادة جنَّ وتفيد الاكتنان والستر و الجنة هنا هم الملائكة سُمُّوا بذلك لأنهم مستورون عَنّا فلا نراهم ، وكذلك الجنة لأنها تستر مَنْ يسير فيها بكثرة أشجارها ، أو تستر مَنْ فيها بتوفير كل احتياجاته ، فلا يحتاج أنْ يخرج منها ، وكذلك المجنون لأنه غاب عقلُه واستتر . والمعنى أنهم جعلوا بين الله تعالى وبين الملائكة نَسَباً حين قالوا : الملائكة بنات الله { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [ الصافات : 158 ] يعني : علمتْ الملائكة أن هؤلاء المشركين بالله مُحضَرون للعذاب ، ومُحضَر اسم مفعول يعني : أُجبر على الحضور . ثم يردُّ الله عليهم مُنزِّهاً نفسه سبحانه عن مشابهة الخَلْق : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [ الصافات : 159 ] فكلمة سبحان الله نراها دائماً في كل شيء ، يخرج الذات إلى مشابهة الخَلْق ، والسبحانية لله أي : التنزيه لله موجود وثابت لله تعالى قبل أنْ يُوجد المنزِّه . فكلمة سُبْحانَ تعني : التنزيه المطلق لله قبل أنْ يخلق مَنْ يُنزهه ، فلما خلق الله الخَلْق سبَّحه { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ الحشر : 1 ] وقال : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ التغابن : 1 ] أي : ما يزال مُسبِّحاً في الحال والاستقبال إلى قيام الساعة . وما دامت هذه السُّبْحانية ثابتة لله تعالى قبل الخَلْق وبعده ودائمة في الماضي والحاضر والمستقبل ، فإياك يا أشرف الخَلْق وأكرمه ومَنْ جعل الخَلْق كله من أجله ألاَّ تكون مُسبِّحاً أو تشذّ عن هذه المنظومة المسبحة { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [ الأعلى : 1 ] فمعنى { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [ الصافات : 159 ] يعني : تنزَّه الحَقُّ سبحانه عن قَوْل هؤلاء المشركين وكذبهم ، وتعالى سبحانه أنْ يكونَ بينه وبين الجِنَّة نسبٌ .