Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 27-27)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني : ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ، بل خلقناهما بالحق ، لذلك تجدها ثابتة لا تتغير ، كما قال سبحانه : { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ يس : 40 ] ولو كان هذا الخَلْق على غير ذلك لحدثَ صدام في كل دقيقة وفي كل لحظة بين هذه الأجرام والأفلاك . ومعنى { ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } [ ص : 27 ] أي : أنهم يظنون أنها خُلِقَتْ باطلاً ، ذلك ظَنُّهم وهو مجرد ظن ، ولو جاء الخَلْق كما يظنون ما كان خَلْقاً ، لأن الخَلْق لا بُدَّ أن يكون له غاية عند الخالق قبل أنْ يخلق ، كما قلنا أن الذي اخترع الغسالة أو الثلاجة قبل أنْ يخلقها حدَّدَ لها مهمتها ، لا أنه خلقها . وقال : انظروا فيما تصلح هذه الآلة . فالذي صنع هو الذي يحدد الغاية ، وهو الذي يضع قانون الصيانة لصناعته . لذلك نقول : إن ضلالَ العالم كله ناشئ من أنهم يريدون أنْ يقننوا بأنفسهم غاية ما صنع الله ، ويريدون أنْ يضعوا لخَلْق الله قانون صيانته ، وأنْ يتجاهلوا ما وضع الله ، لا رد الأمر إلى صاحبه كما تفعل في أمور الدنيا ، فكل صانع أعلم بما يُصلح صَنْعته . ثم يأتي هذا التهديد : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } [ ص : 27 ] كثيراً ما يُهدِّد الخالق سبحانه خَلْقه بالنار ، ويتوعَّدهم بالعذاب ، والبعض يرى في ذلك لوناً من القسوة ، والحقيقة أنها لَوْنٌ من ألوان الرحمة لا القسوة ، فمن رحمة الله بنا أنْ يعظم الذنب ، وأنْ يُظهر العقوبة ، ومن رحمته بنا أنْ يضعَ الجزاء قبل أنْ يقع الذنْب لأنك حين تستحضر الجزاء ترتدع ولا تفعل . إذن : التهديد والوعيد لحكمة .