Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 41-41)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَٱذْكُرْ … } [ ص : 41 ] أي : بالحمد والثناء { عَبْدَنَآ أَيُّوبَ … } [ ص : 41 ] الوصف بالعبودية هنا شرف ، لأنه دلَّ على إعزاز الربوبية لمرتبة العبودية ، وقلنا : إن العبودية كلمة ممقوتة عند البشر ، لأن العبودية للبشر إهانة وتسخير ، يأخذ فيها السيد خير عبده وثمرة حركته في الحياة ، أما العبودية لله تعالى فوَصْفٌ محبوب ، وكلمة محمودة ، لأن العبد فيها يأخذ خير سيده . لذلك لما امتنَّ الله تعالى على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج جعل حيثية ذلك العبودية له سبحانه ، فقال : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ … } [ الإسراء : 1 ] فلما ضاقتْ به حفاوة الأرض في الطائف أراد ربه أنْ يُريَهُ حفاوة السماء به ، فالصفة التي رفعتْ محمداً إلى هذه المنزلة هي صفة إخلاصه في العبودية لربه . ومعنى { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ ص : 41 ] المسُّ : هو الالتقاء الهيِّن الخفيف ، يعني هو دون اللمس ، قالوا : لأنه مرض مرضاً شديداً أثَّر في إهابه ، فكان الشيطان يحوم حوله بخواطر السوء يقول له : كيف يفعل الله بك هذا وأنت رسول ، كيف يتركك هكذا دون أنْ يشفيك . وهكذا اجتمع على سيدنا أيوب ألم الجلد وعذابه الجسدي ، وهواجس الشيطان في خواطره النفسية ، لذلك قال : { بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ ص : 41 ] ونُصْب بالضم مثل نَصَب بالفتح والنَّصَّب التعب ، فهي مثل بُخْل وبَخَل ، الاثنان بمعنى واحد . وقالوا في مسِّ الشيطان : إن الفعل على الحقيقة لله تعالى ، فالله هو الذي يفعل ، والشيطان بوسوسته سبب ، والله تعالى هو المسبِّب ، فمَسُّ الشيطان يعني وسوسته التي شغلتْ خاطر سيدنا أيوب ، فكأن الحق سبحانه أراد من أيوب أنْ يتنبه إلى أن هذه الوسوسة ما كان يصح أنْ تمرَّ بخاطره . وسيدنا أيوب لما اجتمع عليه المرض ووسوسة الشيطان ضَعُفَ فتوجَّه إلى ربه يدعوه أنْ يقطعَ عن نفسه وسوسة الشيطان لأنها تحتاج إلى مدافعة ، والمدافعة تحتاج إلى قوة ، والقوة عنده مرهونة بالمرض ، ولذلك دعا الله حتى لا يزدادَ ضعفه بوسوسة الشيطان ، فلما دعا الله أجابه : { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ … } .