Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 103-103)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كأن المؤمن مطالب بألا يسوِّف ويُؤَخِّر الصلاة عن وقتها ، وأن يذكر الله قائماً وقاعداً وعلى جنبه ، وذلك لتكون الصلاة دائماً في بؤرة شعور الإنسان ، بل إن المؤمن مطالب بذكر الله حتى وهو يسايف عدوه وينازله ، فهو يحمل السيف ولسانه رطب بذكر الله ويقول : " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . والإنسان حين يسبح الله حتى وهو في حالة الاشتباك مع العدو لا ينساه الله . والمؤمن قد يؤخر الصلاة في حالة الاشتباك مع العدو والالتحام به ، ولكن عليه أن يدفع قلبه ونفسه إلى ذكر الله ، ففي وقت الصلاة يكون مع ربه فليذكره قائماً وقاعداً وفي كل حال ، وبعد أن يطمئن المسلم لموقفه القتالي فليقض الصلاة . وأنه لا يترك ربه أبداً بل وهو في الحرب يكون ذلك منه أولى لأنه في حالة الاحتياج إليه سبحانه ، والقتال يدفع المؤمن إلى الاستعانة بربه ، وإذا كان المسلم يعرف أن لله في أوقاته تجليات ، فلا يحرمن واحد نفسه من هذه التجليات في أي وقت ، وذكر الله يقرِّب العبد من مولاه - فسبحانه - مع عبده إذا ذكره ، فإن كان الإنسان مشبعاً بالاطمئنان وقت الخوف والقتال فليذكر الله ليدعم موقفه بالقوة العليا . وقوله الحق : { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } [ النساء : 103 ] أي إذا انتهى الاشتباك القتالي فعلى المؤمن أن ينتقل من ذكر الله أثناء الاشتباك إلى الصلاة التي حان ميقاتها أثناء القتال . فقد كان ذكر الله وقت الاشتباك من أجل ألا يضيع وقت الصلاة بلا كرامة لهذا الوقت ، وبلا كرامة للقاء العبد مع الرب . ولماذا كل ذلك ؟ ويأتي القول الفصل : { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [ النساء : 103 ] . وقد أوضح لنا الحق صلاة الخوف ، وشرع سبحانه لنا ذكره إذا ما جاء وقت الصلاة في أثناء الاشتباك القتالي ، وإذا ما اتفق توقيته مع وقت الصلاة ، وشرحت لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم كيفية قصر الصلاة في أثناء السفر ، لماذا كل ذلك ؟ لأن الصلاة فرض لا غنى عنه على الإطلاق { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [ النساء : 103 ] . أي أن الصلاة لها وقت . ولا يصح أن يفهم أحد هذا المعنى - كما يفهمه البعض - بأن صلاة الظهر - على سبيل المثال - وقتها ممتد من الظهر إلى العصر ، وصحيح أن الإنسان إذا عاش حتى يصلي الظهر قبيل العصر فإنها تسقط عنه ، ولكن ماذا يحدث لو مات العبد وقد فات عليه وقت يسعها ؟ إذن فقد أثم العبد ، ومن يضمن حياته حتى يؤدي الصلاة مؤجلة عن موعد أدائها ؟ . وقد يقول قائل : أحياناً أسمع أذان الصلاة وأكون في عمل لا أستطيع أن أتركه فقد أكون في إجراء جراحة . أو راكباً طائرة . ونقول : أسألك بالله إذا كنت في هذا العمل الذي تتخيل أنك غير قادر على تركه وأردت أن تقضي حاجة ، فماذا تصنع ؟ إنك تذهب لقضاء حاجتك ، فلماذا استقطعت جزءاً من وقتك من أجل أن تقضي حاجتك ؟ وقد تجد قوماً كافرين يسهلون لك سؤالك عن دورة المياه لتقضي حاجتك . وساعة يراك هؤلاء وأنت تصلي فأنت ترى على وجوههم سمة الاستبشار لأن فيهم العبودية الفطرية لله ، وتجد منهم من يسهل ذلك ويحضر لك مُلاءة لتصلي فوقها ، ويقف في ارتعاش سببه العبودية الفطرية لله ، فلا تقل أبداً : إن الوقت لا يتسع للصلاة لأن الله لا يكلف أبداً عبده شيئا ليس في سعته ، والحق كلف العبد بالصلاة ومعها الوقت الذي يسعها . ولله المثل الأعلى ، نحن نرى رئيس العمال في موقع ما يوزع العمل على عماله بما يسع وقت كل منهم ، فما بالنا بالرب الخالق ، ولذلك يقول الحق : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 - 3 ] والصلاة رزق عبودي يحررك من أي خوف ، وفضلها لا حدود له لأن فارضها هو الخالق المربي ، فكيف تبخل على نفسك أن تكون موصولا بربك ؟ ويقول الحق من بعد ذلك : { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ … } .