Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 149-149)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لقد عرفنا أن الحق لا يسمح لك بالجهر بالسوء من القول إلا إذا كنت مظلوماً . وهذا يعني أن المسألة تحتمل الجهر وتحتمل الإخفاء ، فقال : { إِن تُبْدُواْ خَيْراً } أي إن تظهر الخير ، أو تخفي ذلك ، أو تعفو عن السوء . وكل هذه الأمور من ظاهر وخفي من الأغيار البشرية ، لكن شيئاً لا يخفى على الله . ولا يمكن أن يكون للعفو مزية إيمانية إلا إذا كان مصحوباً بقدرة ، فإن كان عاجزاً لما قال : عفوت . وسبحانه يعفو مع القدرة . فإن أردت أن تعفو فلتتخلق بأخلاق منهج الله ، فيكون لك العفو مع القدرة . ولنا أن نعلم أن الحق لا يريد منا أن نستخزي أو نستذل ولكن يريد منا أن نكون قادرين ، ومادمنا قادرين فالعفو يكون عن قدرة وهذه هي المزية الإيمانية لأن عفو العاجز لا يعتبر عفواً . والناس تنظر إلى العاجز الذي يقول : إنه عفا - وهو على غير قدرة - تراه أنه استخزى . أما من أراد أن يتخلق بأخلاق منهج الله فليأخذ من عطاءات الله في الكون ، ليكون قادراً وعزيزاً بحيث إن ناله سوء ، فهو يعفو عن قدرة { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } . وقلنا من قبل : إنك إذا لمحت كلمة " كان " على نسبة لله سبحانه وتعالى كنسبة الغفران له أو الرحمة ، فعلينا أن نقول : كان ولا يزال لأن الفعل مع الله ينحل عن الزمان الماضي وعن الحاضر وعن المستقبل فهو سبحانه مادام قد كان ، وهو لا تناله الأغيار ، فهو يظل إلى الأبد . ويقول الحق بعد ذلك : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ … } .