Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 98-98)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وعلينا أن نعرف أن هناك فرقاً بين " مستضعف دعوى ومستضعف حقيقي " ، فهناك مستضعف قد قبل استضعاف غيره له وجعل من نفسه ضعيفاً . هذا هو " مستضعف دعوى " . أما " المستضعف الحقيقي " فهو مِن هؤلاء الذين يحددهم الحق : { إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } [ النساء : 98 ] . هؤلاء هم المستضعفون فعلاً حسب طبيعة عجزهم من الرجال والنساء والولدان . هل الولد من الولدان يكون مستضعفاً ؟ نعم لأن الاستضعاف إما أن يكون طارئاً وإما أن يكون ذاتياً فبعض من الرجال يكون مملوكاً لغيره ولا يقدر على التصرف أو الذهاب ، وكذلك النساء فالمرأة لا تستطيع أن تمشي وحدها وتحمي نفسها ، بل لا بد أن يوجد معها مَنْ يحميها من زوج أو محرم لها ، وكذلك الولدان لأنهم بطيعتهم غير مكلفين وهم بذلك يخرجون عن نطاق التعنيف من الملائكة لأنهم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً . وهذه دقة في الأداء القرآني ، فالإنسان مكلف بالخروج عن ظلم غيره له ولو بالاحتيال ، والاحتيال هو إعمال الفكر إعمالاً يعطي للإنسان فرصة أكثر مما هو متاح له بالفعل . فقد تكون القوة ضعيفة . ولكن بالاحتيال قد يوسع الإنسان من فرص القوة . ومثال ذلك : الإنسان حين يريد أن يحمل صخرة ، قد لا يستطيع ذلك بيديه ، لكنه يأتي بقضيب من الحديد ويصنع منه عتلة ويضع تحت العتلة عجلة ، ليدحرج الصخرة ، هذه هي حيلة من الحيل ، وكذلك السَّقالات التي نبني عليها ، إنها حيلة . والذي قام ببناء الهرم ، كيف وضع الحجر الأخير على القمة ؟ لقد فعل ذلك بالحيلة ، والذي جلس لينحت مسلة من الجرانيت طولها يزيد على العشرة الأمتار ، ثم نقلها وأقامها إنّه فعل ذلك بالحيلة . فالحيلة هو فكر يعطي الإنسان قدرة فوق قدرته على المقدور عليه ، كذلك معرفة السبيل إلى الهجرة . وكانت معرفة الطرق إلى الهجرة من مكة إلى المدينة في زمن رسول الله تحتاج إلى خبرة حتى يتجنب الواحد منهم المفازات والمتاهات ، وحينما قال الرسول بالهجرة أحضر دليلاً للطريق ، وكان دليله كافراً ، فلا يتأتى السير في مثل هذه الأرض بلا دليل . ولننظر إلى قول الحق سبحانه : { فَأُوْلَـٰئِكَ عَسَى … } .