Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 69-70)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلنا : يجادلون في آيات الله ، وهي على ثلاثة أنواع : آيات كونية كالشمس والقمر . وآيات المعجزات التي تصاحب بعثة الرسل . وآيات القرآن حاملة الأحكام . ورأينا أنهم جادلوا في المعجزات فقالوا عنها : سحر . وقالوا : شعوذة . وجادلوا في آيات الأحكام وقالوا : إنها غير مناسبة ، أما الآيات الكونية ، فليستْ محلاً للجدال . قوله : { أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } [ غافر : 69 ] أي : يُصرفون عن الحق وهو واضح فأين عقولهم المفكرة { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ غافر : 70 ] قال : { كَذَّبُواْ … } [ غافر : 70 ] بزمن الماضي ، لكن في الجزاء قال { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ غافر : 70 ] . يعني : في المستقبل ، قالوا : لأن الجزاء ليس بالضرورة أن يكون في نفس الوقت أو وهم موجودون في سعة الحياة الدنيا ، يصح أن نؤخر لهم الجزاء في الآخرة . وكلمة سوف دلَّتْ على المستقبل سواء القريب في الدنيا أو البعيد في الآخرة ، فإذا لم يدركهم العذاب في الدنيا فهو ينتظرهم في الآخرة ، كما قال تعالى : { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [ غافر : 77 ] . الحق سبحانه وتعالى يريد أنْ يصلنا دائماً به وَصْلاً بحيث لا يأتي غيره على بالنا ، هذا الوصل يجعلك حينما تأتي الأشياء لا تظن أنك أخذتها بذاتيتك ، إنما هي موهوبة لك ، وللواهب أن يرجع في هبته . ولذلك ينبهنا سبحانه فيقول : { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [ العلق : 6 - 7 ] ثم يقول بعدها : { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } [ العلق : 8 ] يعني : تذكَّر مردَّك إليه ووقوفك بين يديه . وقوله الكتاب أي : الذي أنزله الله حاملاً لمنهجه { وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا … } [ غافر : 70 ] أي : على ألسنة رسله ، فإنْ قلت الكتاب هو ما أرسلنا به رسلنا ، نقول : لا … هناك فرق ، فالكتاب هو المنهج ، أما الرسول فقد أُرسل يحمل المنهج ويُبلِّغه وأُسْوة تطبيقه لذات المنهج كما قال سبحانه : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ … } [ الأحزاب : 21 ] .